image_print

التأويل الباطني (القاديانية نموذجا)

هناك الكثير من الفرق الباطنية التي انتسبت للإسلام، وحرفت أحكامه وعقائده، ولعل من أكثرها إيغالاً في التأويل الفرقة القاديانية، وهي من الفرق المعاصرة، فقد ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، واشتدت شوكتها في القرن العشرين، وكانت بداياتها على يد المستعمر الإنجليزي في الهند، فانطلقت على يد الميرزا غلام أحمد، الذي ولد في قرية قاديان التابعة لإقليم البنجاب، وتوفي في مدينة لاهور عام 1908م بعد إصابته بالكوليرا.

كانت لهذه الحركة صلة قوية بالمستعمر الذي عانى من شدة مقاومة المسلمين الهنود، فدعم الإنجليز غلام أحمد وأغروه بإصدار فتاوى لإسقاط الجهاد ضدهم، وذلك بعد أن اختاروه من عائلة قدمت خدمات جليلة سابقا للمحتلين.

التأويل في الباطنية القاديانية

مر الفكر القادياني بعدة مراحل حتى وصل إلى ما هو عليه، حيث بدأ غلام أحمد دعوته بمعاداة النصارى المبشرين، وبمعاداة ونقد الهندوسية، فلما ذاع صيته وتجمع حوله الناس ادعى بأنه ملهم من الله تعالى بالعلم الظاهر والباطن، وهذه الدعوة نجدها واضحة في كتابه “براهين أحمدية”.

ثم ألف غلام أحمد كتاب “فتح الإسلام” وادعى فيه أن عصر نزول المسيح قد حان، وأنه هو المهدي المنتظر الذي ينتظره المسلمون لإنقاذهم من الهوان، وقد صرح بذلك في الكتاب، بل صرح بأنه كليم الله الثاني بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الكليم الثاني خير من الكليم الأول.

ادعى بعد ذلك أنه يوحى إليه من الله، وأن باب الوحي لم يغلق، وأن من قال ذلك فقد أخطأ، وهذه الدعوة نجدها صريحة في كتابي “الدر الثمين” و”نزول المسيح”، بل أورد آيات زعم أنها أوحيت إليه في كتابه “الوحي المقدس”.

وتصرح جماعته على موقعها الإلكتروني باعتقادها بأن غلام أحمد كان يوحى إليه، حيث جاء على الموقع أثناء حديثهم عن إنكار حياة المسيح: “وقد أوحى الله تعالى إلى حضرة المؤسس عليه السلام أن عيسى عليه السلام ليس بحي، بل مات كغيره من الرسل”.

ومما يتأولونه ختم النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء والمرسلين، فيرون أن كونه خاتم الأنبياء لا يعني أنه لا يأتي بعده نبي أو رسول، وإنما يعني أنه لم يأت ولن يأتي مثله، بخصوصيته، من غير المسلمين، أما إذا وجد في أمته من تنزل عليه الفيوضات الإلهية فمن الممكن أن يكون نبياً مرسلاً، وهذا تحريف للفهم الإسلامي للنبوة وختمها برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولهم تأويلات أخرى عجيبة يذكرونها على موقعهم الرسمي، ومنها أن الدخان -وهو من علامات للساعة- ليس سوى إشارة إلى ظهور الصناعات الجديدة والمعامل الكبيرة التي ينطلق من أبراجها الدخان الكثير.

والدجال عندهم هو الاستعمار الذي احتل العالم في القرن الماضي، وما زالت بعض الدول تكمل دور الدجال في ذلك من خلال احتلالها للدول والبلدان.

والدابة هي وسائط النقل الحديثة كالطائرات والقطارات والسيارات والبواخر التي حلت بدلاً عن الوسائل القديمة.

والجن هم الفئة الحاكمة للناس من الملوك والرؤساء والأمراء وغيرهم، وسموا بذلك لأنهم يستترون عن أعين الناس في قصورهم ونعيمهم، أو لأنهم يحجبون الناس عنهم ويمنعونهم من الوصول إليهم.

والإسراء والمعراج هما خروج المخلص في آخر الزمان، حيث يبلغ المسلمون مرحلة كبيرة من الجهل، فيرسل الله سبحانه وتعالى لهم من يخلصهم ويخرجهم، ويفسرونها على أنه خروج غلام أحمد، ويسمونها “البعثة الثانية”.

والجنة هي شعور الإنسان بالإيمان، وهي تنبع من باطنه، وليست شيئاً خارجاً عنه.

والجحيم هو شعور الإنسان بالكفر والفسق وخذلان الله تعالى له، ونار جهنم ما هي إلا الهموم والحسرات والآلام التي تأخذ بالقلب.

فهم يرون أن الجنة والنار ليستا ماديتين كما يرى جمهور المسلمين، وإنما منشأهما أمور روحانية نفسية.

مسجد “بيت الفتوح” لجماعة الأحمدية في لندن

تأويل الجهاد

غيّر أحمد القادياني نظرة أتباعه للجهاد، وحرف معناه الذي جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية، وكانت هذه من أجل الخدمات التي قدمت للإنكليز المحتلين.

وقد استخدم غلام أحمد عبارات توافق في ظاهرها ما عليه المسلمون، لكنه كان يسقطها على ما هو مغاير لما هي عليه في الحقيقة، وهذا تحريف للنصوص الشرعية، ولعب بمراداتها المطلوبة عند الفقهاء والعلماء، فهو يصرح أن الجهاد الأكبر لا يكون بالسلاح أبداً، وأننا لا يمكن ان نجاهد خصومنا وأعداءنا إلا بالقرآن وآياته، فاستخدام القوة ممنوع فيما يتعلق بأمور الدين، وحمل السلاح في الإسلام لا يباح إلا لقتال عدو دخل بلاد المسلمين، وأما حماية الدعوة الإسلامية فلا تكون إلا من خلال القرآن، وأن القرآن إنما انتشر بالحكمة وقوة الحجة لا بالسيف.

ميرزا غلام أحمد

وهذا الكلام يبدو جميلاً وموافقاً لعقيدة المسلمين من حيث الظاهر، ولكنه “حق أريد به باطل” فإنه قيل أيام الاحتلال الإنجليزي للهند، وكان يريد من ذلك أن يكف شباب المسلمين عن قتل الجنود الإنجليز الذين يدخلون الأسواق لشراء حاجياتهم، فكلامه جاء خدمة للإنجليز لا تقريراً لأحكام الإسلام.

قال غلام أحمد كما نقلوا عنه في الموقع: “إنه لمن المؤسف، بل من المخجل، أن نصادف إنساناً ليس بيننا وبينه عداوة أو معرفة سابقة، يشتري بعض الحاجيات لأولاده في بعض المحلات أو مشغولاً في بعض أعماله المشروعة الأخرى، فنطلق عليه النار بدون سبب أو مبرر، فنجعل زوجته أرملة وأولاده أيتاماً وبيته مأتماً، في أية آية من القرآن الكريم أو في أي حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ورد مثل هذا الأمر!؟”.

ومراده من ذلك عدم مقاتلة الإنجليز إلا في ساحات المعارك، فمتى تغلبوا وجبت طاعتهم، وهذا الفكر خطير جداً، إذا ما أردنا تطبيقه على الواقع الفلسطيني اليوم، فبناء على عقيدة القاديانية يجب على الفلسطينيين أن يطيعوا أوامر العدو الصهيوني لأنه متغلب.

وصرح بأن مقاتلة الإنجليز لا تكون إلا من خلال القلم والدعاء والفكر، لأنهم لم يمنعوا أحداً من الصلاة والصيام، ولم يغلقوا المساجد، ولم يأمروا النساء بترك الحجاب والعفة، ولم يمنعوا الزكاة والحج!


المراجع:
الموقع الرسمي للأحمدية القاديانية على الشبكة العنكبوتية: www.islamahmadiyya.net

القاديانية، الدكتور عامر النجار، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط: 1، 1425هـ، 2005م.

البيانات الكافية في خطأ وضلال الطائفة الاحمدية القاديانية، الكافي التونسي، طبع في دمشق، مطبعة التوفيق، 1301هـ.

المعتزلة الجدد

ظهرت الفرق الإسلامية وتبلورت أفكارها طوال قرون، وبقي منها ما بقي كأهل السنة والجماعة والجعفرية والزيدية والإباضية، واندثر منها ما اندثر كالظاهرية والمعتزلة وغيرهم، ولسنا في مقام بيان أسباب اندثار هذه الفرق فإنه مقام يطول الكلام فيه، بل نحن بصدد بيان محاولات بعث هذه الفرق من جديد في هذا القرن، بعد مضي قرون عديدة على اندثارها، وزوال أفكارها.

ولاشك في أن المعتزلة من أهم الفرق الإسلامية التي تركت أثراً في الماضي، وأئمة هذه الفرقة من الشهرة بمكان، وآراؤهم معروفة، ولكنها -ولأسباب كثيرة- اندثرت وبادت، وقد ظهر جيل من المثقفين اليوم ممن يتبنون آراء أئمة المعتزلة ويحاولون إحياءها من جديد، وسموا أنفسهم بالمعتزلة المعاصرة أو الجدد، وأخذوا ينظّرون لأفكارهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وأنشؤوا العديد من المواقع الإلكترونية التي تتحدث باسمهم.

أسباب ظهور المعتزلة الجدد
هذه المحاولات التي ظهرت لإعادة إحياء المنهج الاعتزالي تعود للعديد من الأسباب، منها:

1ـ إخراج التراث المعتزلي إلى العلن وإعادة طباعته من جديد، بعد أن كان مخطوطات على رفوف المكتبات العالمية، والقائمون على هذا العمل لا ينتمون إلى المنهج المعتزلي، بل غالبيتهم ينتمون للمذهبين الزيدي والسني، وغالب هذا التراث كان مبثوثاً في مكتبات اليمن، وما زال الكثير من التراث السني والمعتزلي والزيدي مخطوطاً ينتظر من يخرجه للعلن، ومن أهم الكتب المعتزلية التي طبعت موسوعة “المغني في أبواب العدل والتوحيد” و”المحيط في التكليف” و”تنزيه القرآن عن المطاعن” و”شرح الأصول الخمسة” وكلها للقاضي عبد الجبار، كما طبعت كتب الملاحمي المشهور بركن الدين الخوارزمي، وكذلك كتاب “الاستقصاء” لتقي الدين النجراني، وغيره من الكتب والمؤلفات التي ترجع لأئمة المعتزلة المتقدمين والمتأخرين منهم.

قال الشيخ أمين نايف عند بيانه للأسباب: “ما حنت عليه الزيدية في اليمن لقرب مذهبهم من الاعتزال، وإذ عثرت عليه البعثة المصرية في رحلتها لليمن عام 1951م، وكانت برئاسة الدكتور خليل نامي شكلت انقلاباً في التفكير في أمر المعتزلة وكأن تأثيرها قوياً” [انظر مقال: عودة المعتزلة، على موقعهم الرسمي].

2ـ الانحدار السريع الذي تعاني منه الأمة، وضعفها في مواجهة موجات الإلحاد، منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي حيث أخذت نظريات التطور وغيرها بالانتشار شرقاً وغرباً، في حين وقف العالم الإسلامي منها موقف المنبهر والتائه، وبدا موقفه غامضاً منها.

3ـ إعادة إنتاج الخطاب الإسلامي الوعظي والبرامجي، والتسلح بسلاح العقل بعد إهمال العقل من قبل الفرق الإسلامية، حيث يتهم المعتزلة الجدد الفِرق الأخرى بالاعتماد على النص وإهمال العقل، أو الاعتماد على الخرافة وإهمال العقل، مما أدى إلى حالة الضعف العلمي بالأمة الإسلامية، ولذلك يرون وجوب إعمال العقل من خلال “النظر” الذي يرونه أول واجب على المكلف، وبالتالي نصل للتوحيد والعدل، وأخيراً إلى نهضة الأمة الإسلامية.

4ـ يؤمن بعض المعتزلة -وخاصة بعض منظريهم على مواقع التواصل- بنظرية المؤامرة الفكرية عليهم، وأن مذهبهم لم يندثر، إنما كان مبثوثاً هنا وهناك، حيث تم منعه من الظهور أصحاب الإسلام السياسي، أو كان مختبئاً وراء الأفكار العقلانية  والتنويرية التي يبثها بعض المفكرين، وبالتالي فهم غير غائبين عن ساحة الأمة الفكرية، ولكنهم كانوا ينتظرون الفرصة المناسبة للخروج، بحيث تسمح عقول شباب الأمة في تقبلهم بعدما تعرضوا للظلم على يد المدارس الإسلامية التي تسيطر على الساحة الإسلامية من خلال تشويه آرائهم وأقوالهم، والافتراء على أئمتهم وتشنيع مقولاتهم قديماً وحديثاً.

إمام المعتزلة الجدد
يعرف المعتزلة المعاصرة أنفسهم كما جاء في موقعهم الرسمي بأنهم: “كيان فكري، يعمل لإيجاد طريقة تفكير على أساس الإسلام عند المسلمين، ولتحديد منهج قويم لفهم القرآن الكريم، ولتوضيح معالم منهجية للتثبت من سنة الرسول صلوات الله عليه، وكيفية الاستدلال بها، وهي حركة قراءة إبداعية للتراث الإسلامي، وبالتالي في حركة في الأمة” [انظر مقال: المعتزلة المعاصرة، على موقعهم الرسمي].

ويشددون على ضرورة انفكاك الأمة الإسلامية عن التبعية الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية عن الأمم الغربية، وكذلك بعث روح الوحدة في الدول الإسلامية، لتأسيس دولة إسلامية تتحلى بالقوامة على أفرادها، قوامة الهداية والطمأنينة، ويرون أن الفكر المعتزلي هو الفكر الفاعل والقادر على القيام بذلك.

أمين نايف ذياب

ويعد الشيخ أمين نايف حسين ذياب “أبو ياسر” الأب الروحي والمنظر للفكر المعتزلي المعاصر، بل يسمونه “أمير المعتزلة”، وهو مولود في شهر شباط 1931م، وهو فلسطيني من حيفا، وقد عايش احتلال الصهاينة للأراضي العربية قبيل نكبة 1984م، بل يذكر عن نفسه -كما في الموقع الرسمي- أن والده كانت له علاقة قوية بثوار حيفا الذين كانوا يهاجمون المستوطنات اليهودية، ومن ثم انتقل إلى الأردن بعد النكبة، وانتسب لحزب التحرير الإسلامي.

وله عدة مؤلفات ضمن موسوعة جدل الأفكار وتتناول العديد من الأفكار وفق رؤية المعتزلة الجدد كالقضاء والقدر والمسيحية والسلفية والعقل والصحافة والقضية العراقية والمرأة والقومية العربية والأشعرية والخطاب النقدي عند المعتزلة والديمقراطية والليبرالية الغربية وموقفه من الوثائق الأمريكية السياسية وواجبات الدعوة، وغيرها من الكتب والمقالات والمؤلفات التي يتبلور من خلالها موقف المعتزلة الجدد من قضايا الأمة وما يدور في ساحتها من أحداث.

وشارك أمين نايف حسين ذياب في العديد من المنتديات والمؤتمرات والورشات العلمية، وتوفي في شهر حزيران عام 2006م، وترك وراءه العشرات والمئات من الشباب الذين يتبنون فكره الاعتزالي، ويعد باعث المعتزلة الجدد.

وفي هذا يقول: “لقد كان لحال التردي والسقوط التي عليها الأمة، دعوة إلى ظهور حركة المعتزلة بعد عشرة قرون من اندثار المعتزلة، ظهرت في الأردن عام 1990م، ثم توسعت في غير الأردن، ولا تزال الحركة دائبة الحركة تناضل وتكافح من أجل تصحيح ذاكرة الحركة، للعودة مرة أخرى لتتبنى منهج المعتزلة في فهم الإسلام، بنشر الفكر والجدل الحي فيه، وعرضه ليكون دعوة لاستئناف الحياة الإسلامية” [المرجع السابق].

هل الأمة بحاجة إلى المعتزلة الجدد؟
ربما تكون هناك أسباب خاصة للشيخ أمين نايف لتبنيه المنهج الاعتزالي ومحاولة بعثه، ولابد لنا أن نحمله على محمل حسن كغيرته على الأمة الإسلامية، ومحاولته الوصول إلى سبيل لإخراجها مما وقعت فيه من الانحطاط والضياع، وعجز الأمة عن الخروج من هذا المأزق، وذلك أخذاً بظاهر ما يقوله هو عن نفسه. إلا أننا لابد أن نناقش أسئلة أخرى، وهي:

هل الأمة بحاجة إلى المعتزلة اليوم؟

وهل قدم المعتزلة للأمة قديماً شيئاً جديداً تفردوا به عن بقية فرق الأمة أم لا؟

وهل دور العقل الذي سيقوم المعتزلة المعاصرة بتفعيله أهمله المسلمون؟

وماذا لو طرح الشيخ أمين نايف مشروعه التجديدي في دائرة أهل السنة بعيداً عن تمزيق الممزق، وتفتيت المفتت؟

أعتقد أن المتأمل لهذه الأسئلة سيجد الجواب جلياً في ثناياها، بل إن اندثار المشروع المعتزلي لعشرة قرون كاملة لهو أكبر دليل على أنه ليس حلاً لمشاكل الأمة، وخاصة إذا علمنا أن هذه العشرة قرون تخللتها مدة طويلة للانحطاط الإسلامي والضعف والتشتت، ونهض المسلمون من جديد بعيداً عن فكر الاعتزال.

وجميع ما يمكن أن يقدمه المعتزلة الجدد للأمة من الممكن القيام به انطلاقاً من أصول المذاهب الإسلامية الموجودة على الساحة اليوم، وبالأخص مشروع أهل السنة الكبير، الذي يجد المعتزلة فيه مجالاً كبيراً لإعمال العقل، وخاصة لدى أصحاب الفكر السني الأشعري والماتريدي الذين اهتموا بالعقل كثيراً وأولوه عناية خاصة، حتى تم اتهامهم بأنهم معتزلة ويقدمون العقل على النقل، بل اتُهموا بأنهم يجعلون العقل حاكماً على النقل.

وانطلاقاً من التبرير الذي قدمه المعتزلة الجدد لظهورهم، وهو النهوض بالأمة عن طريق تفعيل دور العقل، من الممكن نقض هذا الكلام، وذلك أن مشكلة الأمة ليست بإهمال العقل لوحده، بل إنها تقوم على شيئين:

1ـ إهمال العقل، الذي هو أداة التفكير ومناط التكليف، وهو ما يعتمده المعتزلة الجدد للقيام بالأمة الإسلامية من سباتها.

2ـ إهمال النقل، وهو ما أهمله المعتزلة قديماً وحديثاً، بل إن من أهم أسباب اندثار المعتزلة قديماً إهمالهم لعلوم القرآن والسنة، وتحكيم العقل على النقل، مما أدى إلى التصادم بينهما.

ولا يمكن أن تنهض الأمة اليوم إلا بما نهضت به أولاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وما تلاها من عصور سيادة للأمة على بقية الأمم، ولاشك أن الامة سادت بالقرآن والسنة أولاً، ثم بالعقل الذي حث النقل على تعزيزه، من خلال نصوص كثيرة تحث على التفكر والنظر والاستدلال.

وهناك أسباب كثيرة تجعل الأمة في حالة استغناء عن بعث المعتزلة من جديد، فأولويات الأمة اليوم إنما هو محاربة الإلحاد والعلمانية والأفكار المعاصرة التي تحارب الإسلام، وتحاول إثارة الشبه حوله كل يوم، وظهور المعتزلة إنما يعزز هذه الهجمة الإلحادية، من خلال عدة وجوه، ففيها إشغال لعقول المثقفين عن الأهم، وإرهاق لهم ولأفكارهم عن مدافعة الإلحاد والعلمانية التي هي أكثر الأمراض انتشاراً في هذا العصر، فضلاً عن إمعان التفرقة بين المسلمين، وكثرة تشتتهم.

طائفة البهرة.. التأويلات الباطنية للقرآن (3 من 3)

ذهبت الإسماعيلية ومنهم البهرة، إلى أن لكل شيء ظاهر محسوس تأويلا باطنيا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم، وهم الأئمة الذي يودعون هذا العلم الباطن السري لدى كبار الدعاة بقدر مخصوص، بل قالوا إن التأويل الباطن من عند الله، خص به علي بن أبي طالب، فكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم خُص بالتنزيل، فكذلك علي كرم الله وجهه خص بالتأويل، واستدلوا على ذلك بقصة نبي الله موسى عليه السلام مع العبد الصالح المذكورة في سورة الكهف، وكيف أن موسى وهو نبي مرسل من أولي العزم، لم يمنحه الله علم الباطن، بينما منح هذا العلم إلى الرجل الصالح وهو ليس بنبي.

وبالرغم من قولهم إن التأويل من عند الله، نراهم مرة أخرى يقولون إن التأويل من خصائص حجة الإمام أو داعي دعاته، ومع ذلك نجد تأويلاتهم تختلف باختلاف شخصية الداعي الذي إليه التأويل، وباختلاف موطنه وزمن وجوده.

فإذا قرأنا تأويلات الداعي منصور اليمن قبل ظهور الدولة الفاطمية بالمغرب، نجد أنها تميل إلى الغلو، ولا تختلف في مضمونها عن تأويلات الفرق الغالية المندثرة، وتأويلات دعاة فارس تختلف عن تأويلات الدعاة الذين كانوا بالقرب من الأئمة بالمغرب، ففيها التأليه الصريح للأئمة، وفيها طرح الفرائض الدينية، فتأويل الصلاة عندهم هو الاتجاه القلبي للإمام، وتأويل الصوم هو عدم إفشاء أسرار الدعوة، وتأويل الحج هو زيارة الإمام. وهكذا ينتهي بهم التأويل في فارس إلى طرح كل أركان الدين، بخلاف ما كان عليه الأمر في المغرب إذ لم يصرحوا بهذه الآراء إلا في كتبهم السرية.

فمثلا قال الداعي بالمغرب في تأويل قوله تعالى: {والفجر وليال عشر والشفع والوتر} إن الفجر هو على بن أبي طالب، وكل إمام بعده. والشفع والوتر هما الحسن والحسين. ولكن الداعي في مصر أول هذه الآية بأن الفجر هو المهدي المنتظر، أي قائم الأئمة وخاتمهم، لأنه يظهر بعد انتشار الضلال، كما أن الفجر يأتي بعد شدة الظلام.

ونقول إن هذه التأويلات فاسدة، لأنها مخالفة لمنطق اللغة، وضوابط التفسير التي أجمع عليها ثقات العلماء والمفسرين، ولا يوافق عليها النقل الصحيح، ولا العقل الصريح، فهؤلاء اعتقدوا أشياء في أذهانهم، وآمنوا بمذاهب وأفكار معينة، وأرادوا إخضاع آيات القرآن لها لتدل على مزاعمهم.

ونظرة إلى تفسير “مزاج التسنيم” لمفسر البهرة السليمانية ضياء الدين إسماعيل بن هبة الله تجد أنه أوَّل العقائد والأسماء والصفات والعبادات وقصص القرآن، فأخذ يقول ما لا يُفهم، أو لا يفهمُ ما يقول.

قال ضياء الدين إسماعيل بن هبة الله الإسماعيلي في تأويل قوله تعالى {فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} [سورة الحج: آية 78]: (فأقيموا الصلاة): أي الدعوة إلى الميم (محمد صلى الله عليه وسلم )، (وآتوا الزكاة): سلموا لأمر الفاطر (أي: فاطمة)، (واعتصموا بالله): يعني العين (أي علي)، (هو مولاكم): ولي أمركم في السابق واللاحق، (فنعم المولى): يعني بتدبيره لكم، (ونعم النصير): يعني باحتجابه بكم وإلهامه لكم وإقداركم على ما تريدون في تدبير الخلق.[1]

وقال الداعي إدريس عماد الدين في تأويل قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع}: يعني إذا نودي للصلاة، وهي الدعوة إلى علي، (من يوم الجمعة) أي من محمد الجامع للشرائع، (فاسعوا إلى ذكر الله) أي أطيعوا محمدا في علي، والنص عليه، (وذروا البيع) أي ذروا البيعة لغيره[2].

ولو تتبعنا تأويلات بقية الدعاة للصلاة، لوجدناهم يتلاعبون بآيات القرآن الكريم حسب أهوائهم وأغراضهم، ويتعارضون ويتناقضون في تأويل الشيء الواحد، مع زعمهم المستمر بأن تأويلاتهم مأخوذة عن إمامهم المعصوم.

والله سبحانه حينما أوجب التكاليف على المكلفين لم يستثن منهم الأنبياء، مع أنهم أعلى الخلق درجة، ولو تدبرنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أنه كلما ازداد الإنسان قربا من الله سبحانه زيدت عليه التكاليف.

إن الالتزام بالتكاليف هو سبب الكمال، والتخلي عنها هو سبب النقص، وقد بين الله سبحانه في كثير من آيات القرآن أن أصحاب النار وأهلها يوم القيامة هم الذين قد أعفوا أنفسهم من التكاليف، قال تعالى {ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين} [المدثر: 42]، فهذه التأويلات فاسدة لما ينتج عنها من نتائج فاسدة، لأنهم بتأويلاتهم رفعوا التكاليف وتركوا الفرائض والسنن، وهذا وحده كفيل بالحكم على تاويلاتهم بأنها خارجة عن المنهج الإسلامي، ومخالفة لإجماع المسلمين.


الهوامش

[1] – ضياء الدين السليماني: تفسير مزاج التسنيم، ص 260.

[2] – الداعي إدريس عماد الدين: زهر المعاني، ص 15. والآية رقم (9) في سورة الجمعة.

طائفة البهرة.. عقائدهم وعباداتهم (2 من 3)

الحديث عن العقيدة الإسماعيلية ليس سهلا مثل الحديث عن العقائد الثابتة، إذ أن كثيرا من أصول المذهب الإسماعيلي أصبح نظريا فقط، بمجرد أن أصبحت للإسماعيلية دولة سياسية، وتدخلت التنظيمات السياسية في العقيدة، فكيّفتها حسب ما أملته الظروف السياسية.

الآغان خان الرابع
(موقع منظمة آغا خان)

ومن هذه الأصول القول بضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، والنص على الإمام يكون من الإمام الذي سبقه، ومن الغريب أن أئمة الإسماعيلية أنفسهم لم يحترموا هذا الأصل لا في العصور القديمة ولا في عصرنا الحديث، فالمعز لدين الله الفاطمي نص على ولاية ابنه عبد الله من بعده، ولكن عبد الله توفي في حياة أبيه، فنص المعز مرة أخرى على ولاية ابنه العزيز، فخالف بذلك الأساس الذي قامت عليه الإسماعيلية في أن الإمامة لا تنتقل من أخ إلى أخ، إنما من أب إلى ابن. وفي عصرنا حرم آغاخان الثالث ولديه علي خان وصدر الدين خان من الإمامة، ونص على حفيده كريم وهو الإمام الحالي للطائفة النزارية.

ولا تزال الإمامة هي المحور الذي تدور عليه كل العقائد الإسماعيلية، ذلك أنهم جعلوا ولاية الإمام الركن الأساس لجميع أركان الدين، فدعائم الدين عندهم وعند طائفة البهرة بشقيها هي: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والولاية. على أن الولاية هي أفضل هذه الدعائم. فإن أطاع الإنسان الله تعالى ورسوله الكريم، وقام بأركان الدين كلها، وعصى الإمام أو كذب به فهو آثم في معصيته، وغير مقبولة منه طاعة الله ورسوله[1].

وحذا البهرة والإسماعيليون عموما حذو الجهمية في نفي أسماء الله تعالى وصفاته، فيقول المفسر الإسماعيلي ضياء الدين السليماني: “الحمد لله المتعالي عن السماء والأسماء، والمتقدس أن يكون له تعالى حد أو رسم”[2].

ويقول حميد الدين الكرماني -أكبر فلاسفة الدعوة الإسماعيلية-: “إن اسم الإلهية لا يقع إلا على المبدع الأول”[3] وهذا المبدع الأول، أو العقل الكلي، هو الذي رمز إليه الله تعالى بالقلم في الآية القرآنية: {ن والقلم وما يسطرون}. وبمعنى آخر: إن ما يقوله المسلمون عن الله سبحانه وتعالى خلعه الإسماعيلية على العقل الكلي، فهو الإله عند الإسماعيلية، وإذا ذكر الله عند الإسماعيلية فالمقصود هو العقل الكلي. إذا عرفنا ذلك، استطعنا أن نقول إنهم لم يأتوا بهذه الآراء الفلسفية عبثا، بل جاؤوا بها لإسباغ صفة خاصة على الإمام، ذلك بأنهم ذهبوا إلى أن العقل الكلي في العالم العلوي يقابله الإمام في العالم الجسماني، ومعنى هذا عندهم أن كل الأسماء والصفات التي خلعت على العقل الكلي، هي أيضا صفات وأسماء للإمام، لأن الإمام مثل للعقل الكلي [انظر مقال الغنوصية].

لذا قال الشاعر الإسماعيلي ابن هانئ الأندلسي في مدح المعز لدين الله الفاطمي:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار   …..  فاحكم فأنت الواحد القهار

وقال الشاعر أبو الحسن الأخفش في مدح الآمر بأحكام الله:

بشر في العين إلا أنه …    عن طريق العقل نور وهدى

جل أن تدركه أعيننا   ….   وتعالى أن نراه جسدا

ندرك الأفكار فيه بانيا ….    كاد من إجلاله أن يعبدا

وتعتقد طائفة البهرة كبقية الشيعة أن الإمامة من حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنها اغتصبت منه، ويقولون في إحدى رسائلهم: “إن الأمة لما افتتنت بعد نبيها، وأشهرت كل طائفة منهم سيفها، وقال بعضهم: منا أمير، ومنكم أمير، قال كبيرهم -يقصدون أبا بكر رضي الله عنه- في أول قعوده: وليت عليكم ولست بخيركم.. وقال صاحبه عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها. وأقر أبو بكر على نفسه بالشك، فقال: إني وددت لو أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر من بعده، والإمام الحق لا يشك في نفسه، ولا يرجع عن أمره، ولا يندم أنه غصب على حقه، بل يثبت مستمرا على شأنه، مفصحا عن محله ومكانه، هاديا مهديا، متبوئا من العصمة مكانا عليا كما فعل علي”[4].

داعي البهرة يلقي درسا على أتباعه
[NoorAlavi/wikimedia]

وتعتقد طائفة البهرة كبقية الإسماعيليين بوجود إمام يعيش في الخفاء ولا يخلو زمان من الأئمة المستترين، بينما يقوم الداعي المطلق بالدعوة العلنية نيابة عن الإمام، والإشراف الروحي على الطائفة، وهو مصدر السلطات التي يحتكم إليها أتباع الطائفة في جميع شئونهم.

ومن الواجبات المحتمة عندهم سجودهم لداعيهم، ومما يؤيد إصرار الداعي على سجود أفراد طائفته له، تلك المرثية التي رثى بها الداعي الحالي لطائفة البهرة الداؤودية  الدكتور محمد برهان الدين والده الداعي السابق (طاهر سيف الدين)  حيث يقول:

سجدت له دأبا وأسجد دائما  ….    لدى قبره مستمتعا للرغائب

وعقيدتهم في الظاهر لا تختلف عن عقائد المسلمين، أما عقيدتهم في الباطن فهي بعيدة كل البعد عن عقيدة أهل السنة والجماعة. فهم مثلا يؤدون الصلاة كما يؤديها المسلمون، وإن كانوا لا يصلونها إلا في “الجامع خانة” وهي أماكن العبادة الخاصة بهم، وقد لاحظت ذلك من خلال مراقبتهم في المسجد النبوي، ومسجد الحسين بالقاهرة، إذ كانوا يأتون للمسجدين بعد صلاة العصر زرافات ووحدانا، وقبيل أذان المغرب يتسللون لواذا، وإذا اضطروا إلى الصلاة مع أهل السنة فإنهم يصلون بنية الإفراد أو الإعادة، ولا يصلون الجماعة إلا بوجود إمام معين من قبل الداعي، كما لا يصلون الجمعة بحجة عدم وجود إمام عادل.

ولهم صلوات عديدة مثل: صلاة ليلة السابع عشر من شهر رجب، وعدد ركعاتها اثنتين وعشرين ركعة، وصلاة ليلة الخامس عشر من شهر شعبان وعدد ركعاتها أربع عشرة ركعة، وصلاة ليلة الثالث والعشرين من رمضان وعدد ركعاتها اثنتي عشرة ركعة، يرددون فيها: يا علياه سبعين مرة، ويا فاطمتاه مئة مرة، ويا حسناه مئة مرة، ويا حسيناه تسعمائة وسبع وتسعين مرة.

ويذهبون إلى مكة لتأدية الحج في موسمه، شأنهم في ذلك شأن جميع المسلمين، ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوف حولها الحجيج هي رمز للإمام.

ولا يقبل الحج إلا إذا كان بصحبة الداعي أو من ينيبه من الدعاة، وغالبا ما يخالفون أهل السنة والجماعة في وقت الوقوف بعرفة، فإما أن يتقدموا عليهم يوما أو يتأخروا يوما، اعتمادا على حساباتهم الفلكية الخاصة. وإذا لم يتمكن البهرة من الوقوف بعرفة على وفق حساباتهم، فإنهم يقلبون حجهم إلى عمرة.. هذا في الظاهر.. أما في الباطن فهم يؤولون فريضة الحج تأويلا فاسدا كبقية الإسماعيليين. يقول السجستاني (أحد دعاتهم): “حج البيت هو: قصد إمام الزمان، مفترض الطاعة، والغرض من حج البيت معرفة الأئمة، والمراد من الزاد والراحلة في الحج: هو العلوم، ودليل معرفة الإمام. والإحرام هو اعتقاد معرفة الإمام”[5].

أما الصيام فيؤولونه تأويلا باطنيا. يقول الداعي الإسماعيلي السجستاني: “الصوم هو الصمت بين أهل الظاهر، وصوم شهر رمضان هو ستر مرتبة القائم، ومن شهد منكم الشهر فليصمه، أي: من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت”[6].

وكذلك بقية العبادات وإن عملوا بظاهرها أحيانا، فإن هذا العمل مؤقت بظهور القائم، فإذا ظهر القائم “تخلص المؤمنون من الستر والكتمان، وقدروا على كشف مذاهبهم، وجب رفع هذه الشريعة التي هي سمة الستر والكتمان”[7].


الهوامش

[1] – انظر: د. محمد كامل حسين: طائفة الإسماعيلية، ص 147-156. باختصار.

[2] – ضياء الدين السليماني: تفسير مزاج التسنيم، ص/ 5.

[3] – الكرماني: راحة العقل، ص 195.

[4] – الهداية الآمرية في إبطال دعوى النزارية: تصحيح آصف بن علي أصغر فيضي، ص 10-11.

[5] – الداعي الإسماعيلي السجستاني: الإفتخار، ص 149.

[6] – السجستاني: الإفتخار، ص 126-127.

[7] – السجستاني: إثبات النبوات، ص 182.

طائفة البهرة.. مقدمة تاريخية (1 من 3)

انقسمت الشيعة إلى ثلاث فرق رئيسة هي: الزيدية، والكيسانية، والإمامية، وأتباع جميع هذه الفرق متفقون على أن الإمامة لا تخرج عن أولاد علي كرم الله وجهه وأحفاده، وإن خرجت فبظلم من غيرهم، أو بتقية منهم، والإمامة عندهم لا تناط باختيار العامة، إنما هي قضية أصولية، تنصيصية (ينص السابق على اللاحق)، تعيينية.

أما الزيدية فتنسب للإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت122هـ)، وقد انقسمت إلى ست فرق، وقيل: ثماني فرق، وقيل: عشر فرق، ويقال: إنهم قريبون إلى أهل السنة والجماعة.

وأما الكيسانية فتقول إن الإمامة ذهبت إلى محمد بن الحنفية بن علي بالاستدلال، لأن علي كرم الله وجهه دفع إليه الراية يوم موقعة الجمل، وقيل: بالوصية. وهناك من نسبها إلى كيسان –صاحب شرطة المختار الثقفي- ومنهم من نسبها إلى المختار الثقفي نفسه، والراجح أنها منسوبة إلى كيسان مولى علي بن أبي طالب.

وأما الإمامية فساقوا الإمامة إلى الحسن بن علي، فالحسين بن علي، فالإمام علي بن زين العابدين، ثم محمد الباقر، ثم جعفر الصادق، وهنا تفرقوا إلى فرقتين:
الفرقة الأولى: ساقت الإمامة إلى موسى الكاظم، فالإمام علي الرضا، فالإمام محمد الجواد، فالإمام علي الهادي، فالإمام الحسن العسكري، فالإمام الثاني عشر الغائب محمد بن الحسن العسكري، وهذه الفرقة تسمى بالإمامية الاثني عشرية، أو الجعفرية، أو الكاظمية، أو الموسوية، ويسمون في جنوب لبنان بالمتاولة، أي المتأولة.

الفرقة الثانية: قالت بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق بدلا عن موسى الكاظم، وهو الإمام السابع عندهم، فيسمون لذلك بالإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق.

وانشقت الإسماعيلية إلى فرقتين كذلك: الأولى نادت بإمامة مبارك مولى إسماعيل فسموا بالمباركية، وعنهم انشقت فرقة الخطابية الغالية. والثانية ساقت الإمامة من محمد بن إسماعيل إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي، وهنا أوقفت طائفة الدروز الإمامة عند الحاكم بأمر الله وقالوا برجعته، وساق بقية الإسماعيليين الإمامة إلى المستنصر بالله، وهنا انشقوا بدورهم إلى فرقتين هما:
1 – الإسماعيلية النزارية (الإسماعيلية الشرقية): أتباع آغا خان حاليا، وهم الذين اعتقدوا بإمامة نزار بن المستنصر، وطعنوا في إمامة المستعلي أحمد بن المستنصر وقد نقل كبير دعاتهم الحسن بن الصباح الدعوة إلى فارس وكوّن دولة النزارية، التي عرفت باسم دولة الحشاشين.

2 – الإسماعيلية المستعلية (الاسماعيلية الغربية): وهم الذين قالوا بإمامة أحمد بن المستنصر (المستعلي)، ويعرفون باسم البهرة، وقد انشقوا كذلك إلى فرقتين هما: البهرة الداوودية، والبهرة السليمانية.

درس من دروس البهرة في الهند [alavibohra.org]

نشأة البهرة

ذكرنا أن طائفة البهرة هي الطائفة التي نادت بإمامة أحمد بن المستنصر الملقب بالمستعلي، وولي إمامة الإسماعيلية بعد المستعلي ولده أبو علي المنصور[1]. ونقل أبو المحاسن عن الذهبي قوله فيه: “كان رافضيا كآبائه، فاسقا، ظالما، جبارا، متظاهرا بالمنكر، واللهو، ذا كبر وجبروت”[2].

قتله النزاريون على الجسر إلى الجزيرة في القاهرة ، ولم يترك خلفا له، على قول أكثر المؤرخين، ولكن الإسماعيلية المستعلية ينكرون هذا ويقولون: إنه ولد له ولد أسماه: الطيب، وكناه: بأبي القاسم، وجعل الإمامة فيه.

وانقرضت الدولة الصليحية في سنة 511هـ، ولم يقم أتباع الدعوة الطيبية بأي نشاط سياسي بعد ذلك، بل ركنوا إلى التجارة، وعاشوا في محيط خاص بهم، وكان كثير منهم يتخذ التقية فلا يظهر إسماعيليته بالرغم من وجود داعية لهم ينوب عن إمامهم المستور في تصريف أمورهم الدينية.

وقد هيأت التجارة التقليدية بين اليمن والهند فرصة لنشر الدعوة الإسماعيلية الطيبية في الهند، ولا سيما في ولاية جوجرات جنوب بومبي، وأقبل جماعة من الهندوس على اعتناق هذه الدعوة حتى كثر عددهم هناك، وعرفت الدعوة بينهم باسم البهرة، وهي كلمة هندية قديمة معناها التاجر[3].

واستمرت الدعوة المستعلية في اليمن تشرف على أتباعها في جوجرات، إلى أن اضطرت الدعوة الإسماعيلية الدخول في دور الستر مرة أخرى، وظهرت سلسلة طويلة من الدعاة المستورين، حتى كانت سنة 999هـ/1591م وإثر وفاة داود بن عجب شاه الداعي السادس والعشرين في سلسلة دعاة دور الستر، حيث انتخب بهرة جوجرات داود برهان الدين بن قطب شاه خلفا له (1021- 1030هـ) وعرف أتباعه بالداودية، وداعيتهم الآن هو د. محمد برهان الدين بن طاهر سيف الدين، ويعد الداعي الثاني والخمسين ويقيم في مدينة بومباي بالهند. وهو برتبة الداعي المطلق، وصاحبها يتمتع بنفس الصفات التي كان يوصف بها أئمة الإسماعيلية، على أنها صفات مكتسبة وليست ذاتية.

يوسف نور الدين صاحب أحد أئمة البهرة

ومنصب الداعي ليس وراثيا كالإمامة بل مكتسب، إلا أن الدعاة المتأخرين لم يلتزموا بهذه التعاليم، فادعوا لأنفسهم العصمة كالأئمة سواء بسواء، وجعلوا منصب الداعي وراثيا في أبناء الداعي المهيمن على طائفة البهرة الداودية، بينما عارض بهرة اليمن ذلك، وعاضدوا رجلا آخر يدعى سليمان بن الحسن الهندي 1005- 1050هـ، وكان مقيما في أحمد أباد في الهند، مدعين أن داود بن عجب شاه عهد إليه بالدعوة بوصية منه، فانتقلت البهرة السليمانية إلى اليمن ثم تولى الدعوة من بعده أخوه علي الذي ألف كتبا كثيرة وانتقل بالدعوة مرة أخرى إلى الهند، وقبل وفاته سنة 1088هـ أوصى بإمامة الدعوة إلى إبراهيم بن محمد الفهد المكرمي فرجعت الدعوة إلى اليمن، واستقر الداعي في بلدة طيبة وعهد بالدعوة إلى حفيده محمد بن اسماعيل الذي حصلت بينه وبين طائفة الزيدية حروب هزم فيها، فخرج إلى القنفذة يريد الهرب إلى الهند، إلا أن إسماعيلية قبيلة يام في نجران وعدوه بالحماية، فذهب إلى نجران وسكن بلدة بناها أسماها الجمعة، وظلت مركزا للبهرة السليمانية الذين يعرفون بالمكارمة. وداعيتهم الآن هو الداعي حسين بن إسماعيل المكرمي.


الهوامش

[1]  للمقريزي: الخطط، ج2/ ص 290.

[2]  النويري: النجوم الزاهرة، ج5/ ص 170.

[3] د. محمد كامل حسين: طائفة الإسماعيلية، ص 50-51،   باختصار. وانظر: د. أيمن فؤاد سيد: تاريخ المذاهب الدينية في بلاد اليمن، ص 152-206.

تناقضات الحركات الإسلامية في سورية وردة الفعل المجتمعية

ماهي أعظم ميزة تميز بها الإسلام عن غيره من الديانات السماوية؟ يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه ظلام من الغرب: “إن الله في شريعة الإسلام قد جعل للعقل السلطان الأعلى في فهم احكام النصوص المنزلة، وفي استنباط احكام لما لم ينزل به نص خاص صريح لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله.

وهذا العقل الذي أمرنا الله في آيات كثيرة أن نحتكم إليه عند جدلنا بين أنفسنا في معركة الشك واليقين، وفي جدلنا مع غيرنا من المخالفين، يشمل بسلطانه كل معنى في الوجود ابتداءً من أتفه الأشياء كإماطة الأذى عن الطريق، إلى أعظم معنى في الوجود وهو الألوهية والوحدانية.

إن السلطان العقلي المطلق الذي أمرنا الله أن نحتكم إليه، ليس معناه أن يحتكم كل فرد إلى عقله، فالعقول تختلف قوةً وضعفاً، فتصيب وتخطئ، ولكن معناه أن نحتكم إلى الأحكام العقلية القاطعة التي تتفق عليها العقول السليمة …. كل العقول السليمة اتفاقاً عاماً لا خلاف فيه”.

نعم هذا ما يميز الإسلام عن غيره من الديانات السماوية فكل الأمور في الإسلام قابلة للنقاش ضمن قدرة العقل البشري على التفكير والوصول إلى الإيمان بالله.

لكن في سورية حتى العقل لم يعد له دور كبير في مسألة الإيمان مع بروز التَّيارات والحركات الإسلامية التي تدّعي تطبيق شرع الله، ونصرة الدين، ومحاربة الكفار، وإقامة الدولة الإسلامية على المنهج الصحيح، وانقسام المجتمع إلى مسلمين وكفار ومرتدين.

لكن من هم المسلمون، ومن هم الكفار، ومن هم المرتدون حسب تصنيفات هذه الحركات والتيارات؟

المسلم: هو كل شخص أو مجموعة اتّبعت أو أيدت أو ناصرت بالقول أو الفعل أو حتى العيش في مناطق سيطرة هذه الحركة أو تلك.

والكافر: كل من كفر بالله.

والمرتد: كل من خالف المسلمين المزعومين أصحاب الإمارة والشَّوكة، ومعتقداتهم، ورضي بالتبعية لأهل الكفر والألحاد.

الصراع من الفكر إلى القتال
لم يكن الصراع بين هذه الحركات والفئات فكرياً، بل تحول إلى صراعٍ عسكري مرير راح ضحيته الكثير، والكل يعتقد ويروج لمشروعه على أنّه حق، وذاهبٌ للجنّة.

وهنا لا بدّ أن نسأل سؤالاً آخر وهو: هل كان التّدين حقيقياً في المجتمع؟

المتابع لواقع المجتمع على الأرض يرى حجم التَّناقض الكبير الذي يعيشه المجتمع، فعموم المجتمع كان يُسلِّم للأقوى ويطبّق ما جاء به من تعاليم جديدة، وفي كثير من الحالات لا يبدي أيّ ردة فعل تجاه القضايا التي من المفترض أنّها تخالف ما اعتقد به وما تربَّى عليه وتعلمه. قد يُبرّر هذا الفعل بفعل العنف الذي تمارسه السُّلطة التي تحكم باسم الدّين، والممارسات القمعية التي تنتهجها السلطة.

ساهمت هذه الحركات بتحول المجتمع شكليّاً إلى مجتمع متدين من خلال القوّة والانتصارات على الأرض على “الكفار” والخطاب الدّيني الذي يتحدث عن أحداث ربما ليس أوانها مثل معركة مرج دابق وكثرة الفتن وانقسام الناس إلى فرقٍ وما إلى ذلك.

مع انحسار هذه الحركات وهزائمها التي ربطتها كما أسلفنا بالدين أحدث ردّة فعل كبيرة عند الشريحة التي كانت تؤمن بهذه الادّعاءات، ومما ساعد أيضاً على ردة الفعل عن الدين عدة أمور أخرى منها:

١-الخطاب الديني لدُعاة لا يملكون العلم ولا المعرفة الكافية بتأويل النّصوص والأخذ بظاهرها، وتفسير النصوص وفق هواهم ووفق ما تفتضيه مصلحة جماعته.

٢-جهل الكثير من الشعب بأمور دينهم، واقتصار الدّين عندهم على طقوس تعبديّة شكليّة.

٣-كثرة القتل والدّمار الذي حلّ بالمجتمع والعجز عن فعل أيّ شيء لوقف آلة القتل.

٤-الصِّراعات المسلحة بين التّيارات الإسلامية فكلّ حركة تعتقد أنّها على حقّ.

٥-قوّة الأطراف غير الإسلامية ونجاحها بالسّيطرة على مناطق شاسعة، وتحالفهم مع التّيارات العلمانية التي تشجع على البعد عن الدين.

٦-سهولة الحصول على المعلومات وتنوعها، وعدم وجود مرجعيّة دينية موثوقة يمكن الرجوع إليها في ظل الطّعن بكل المرجعيات.

وفي ظل هذه الصّورة نطرح سؤالا آخر، هل المجتمع قادر على العودة؟

إن ما حدث في المجتمع أمر عظيم وآثاره بدأت بالظهور، وإن لم يكن بشكل واضح نتيجة للعادات التي فرضها المجتمع.

ونتيجة للتناقضات التي أحدثتها التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة السورية، والنقاشات والجدل الذي حصل، وانكشاف معظم التيارات التي تستخدم الدين وسيلة لتحقيق مصالحها، ظهر تيار استغل هذه الأمور وانطلق منها معتمداً على العقل في توعية المجتمع، وفضح مغالطات التيارات سابقة الذكر.

هذا التيار الجديد ما يزال صغيراً ويعمل بكل جد وأنصاره بازدياد، لكن نتائج وثمار عمله قد تستغرق وقتاً حتى تظهر، وذلك لسببين هما:

  • عدم وجود الاستقرار، وعدم القدرة للوصول إلى كل أطياف المجتمع.
  • انطلاق هذا التيار من فكرة (عقيدة) واضحة، وفئة من المجتمع مؤمنة بهذه الفكرة، ولكنها تفتقر للمرجعية والقيادة الصالحة (السلطة) لدعم هذه الفكرة.

شبهات القرآنيين

يستمد المسلم أحكامه الشرعية وأوامره ونواهيه من المصادر التشريعية ومن أهمها القرآن الكريم والسنة النبوية، وهما جناحا التشريع الإسلامي، ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما، ذلك أن السنة جاءت بشروح لِما جاء مجملاً في القرآن الكريم، وربما جاءت بعض الأحكام مؤكدة لما جاء به، وقد تأتي السنة بأحكام منفصلة عما جاء فيه القرآن.

وللأهمية الكبيرة التي تتولاها السنة النبوية في التراث الإسلامي الفقهي والعقدي، اهتم علماء الحديث بتنقيحها وتمييز صحيحها من ضعيفها، ومن طالع كتب الحديث ومتونه سيدرك الجهد الكبير الذي بذل للحفاظ على السنة.

واستمر الفقهاء على مر العصور بالاعتماد على القرآن والسنة، حتى كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث نبتت نابتة سوء بين المسلمين في بلاد الهند، وذلك بنشأة ما سمي بطائفة “القرآنيين” التي أخذت تدعو إلى نبذ السنة والاعتماد على القرآن لوحده في استنباط الاحكام.

النشأة
ظهرت هذه الدعوة الباطلة في الهند والباكستان بعد تقسيم شبه القارة الهندية بتشجيع من المستعمر الإنكليزي، حيث سبب المسلمون قلقاً للإنكليز بسبب عدم إذعانهم لهم، فاستمال الإنكليز بعض رجالات الدين الإسلامي وشجعوهم على أفكار تخالف بديهيات السنة النبوية، ومنها نبذ السنة وحصر الدين بالقرآن، وهذا ما أدى بدوره إلى تأويل أحكام الإسلام بما يتناسب مع السياسة البريطانية في الهند، وكان من أهم رجالات الطائفة القرآنية:

أحمد خان

ـ أحمد خان: كان له قصب السبق في الدعوة لهذه الأفكار، وقد ألف كتباً عدة، منها تفسيره للقرآن الذي أول فيه تعاليم الإسلام بتأويلات باطنية لا تنسجم مع اللغة العربية التي نزل بها الدين، وادعى أن السنة النبوية لم تدون لأمد طويل، بل ظلت ذلك الأمد حبيسة الصدور، مما هيأ الأمر للزيادة عليها والنقص منها وتغيير محتواها ووضع الكثير منها ونسبة الكل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أفقد الثقة في مجملها، وجعل الشك يشملها كلها.

ـ عبدالله جكرالوي: نسبة إلى بلدة “جكرالة” التابعة لإقليم البنجاب، وهو من رواد الطائفة، وله عبارة شهيرة تقول “هذا القرآن هو وحده الموحى به من عند الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم أما ما عداه من السنة فليس بوحي”، وكان مشهوراً بتبعيته للإنكليز وإخلاصه لهم، وقد تجسدت أفكاره بعد وفاته بظهور فرقة سمت نفسها “الأمة المسلمة أهل الذكر والقرآن”.

ـ أحمد الدين الأمرتسري: اعتمد إنكار السنة، وكانت له صلات بالقاديانيين، وقد أنشأ مجلة تتكلم باسم الجماعة.

ـ غلام أحمد برويز: أعلن موقفه المنكر للسنة في خطبة ألقاها بمسجده، وأنشأ مجلة “طلوع الإسلام” ونادي “طلوع الإسلام” وانتقل بدعوته إلى كراتشي، فتبعه خلق فيها.

ـ عبد الخالق مالوادة: كان رجل أعمال، وقد دعم الطائفة بالمال، وأنشأ حركة التثقيف الإنسانية.

شبهات القرآنيين
الشبهة الأولى: يزعم القرآنيون أن القرآن يكفي في بيان الأحكام الشرعية كلها، بجملتها وتفصيلاتها، وبذلك لا حاجة إلى السنة، ويستدلون بقوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: 38].

ولاشك أن هذه الحجة ضعيفة، ذلك أن الأمة اجتمعت على أن القرآن اشتمل على الدين مجملاً لا مفصلاً، ثم شرحته وفصلته السنة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرب مثال على ذلك الصلاة، فقد وردت مُجمَلة في القرآن مفصَّلة في السنة.

الشبهة الثانية: يزعم القرآنيون أن السنة ليست وحياً، وإنما هي اجتهاد بشري للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فهو يصيب ويخطئ فيها، فلا تصلح للاعتماد عليها، وعادة ما يستدلون بحادثة تأبير النخل الشهيرة حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتركوا النخل فلا يؤبِّروه ويلقحوه فأطاعوا أمره ففسد النخل، وخسر الناس ثمار نخيلهم.

والجواب عن هذه الشبهة يتبين من خلال ضرورة التفريق بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التشريعية وأفعاله بموجب بشريته، فحادثة تأبير النخل تتجلى فيها بشريته بشكل واضح، يدل على ذلك قوله بعد حادثة التأبير: “أنتم اعلم بأمور دنياكم”، وليس فيها تشريع، ولذلك أكد العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطئ في أمور التشريع كما قال تعالى: {لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 3ـ 4].

الشبهة الثالثة: زعموا أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال ليست لها صفة العموم الزماني والمكاني، إذ هي أحكام أصدرها الرسول صلى الله عليه وسلم في زمانه وفقاً لظروف أصحابه الذين كانوا معه، وقد انقضى ذلك الزمان بأشخاصه وظروفهم وأحوالهم، وتغير الزمان وتغيرت الظروف، ومن ثم لم تعد تلك الأقوال والأفعال الخاصة بذلك الزمان صالحة لزماننا ولا لظروفنا، واستدلوا على شبهتهم بأسباب النزول وقالوا إنها كانت خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الشبهة ضعيفة جداً، إذ لم يسبق أن فهم أحد من الأمة أن السنة خاصة بأيام النبي وأحواله، وأما أسباب النزول فيلزمهم بناء على كلامهم أن يرفضوا القرآن كذلك، لأن لآياته أسباب نزول، فقبول القرآن ورفض السنة تحكّمٌ لا دليل عليه، وعلماء الأمة لم يفرقوا بين الكتاب والسنة في قبول الأحكام الشرعية الواردة فيهما، فالقرآن وحي والسنة الصحيحة وحي كذلك.

الشبهة الرابعة: زعموا أن القرآن تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه فقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]، لذلك ظل القرآن هو الحق الوحيد في دين الله الإسلام، فلم يُحرَّف ولم يبدل، فيجب الأخذ به، أما السنة فلم يتكفل الله بحفظها فضاعت ودخلتها شوائب وموضوعات، فوجب تركها.

والرد على شبهتهم هذه يكون ببيان أن القرآن هو وحي من الله لفظاً ومعنى، أما السنة فهي وحي من الله بالمعنى، وأما اللفظ فهو من النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاز روايتها بالمعنى، ولم يجز ذلك بالقرآن، وقد حفظ الله السنة النبوية وسخّر لها علماء بذلوا أوقاتهم من أجل تدوينها وتمييز صحيحها من ضعيفها، ومتون الحديث كصحيحي البخاري ومسلم وسنن الترمذي والنسائي وأبي داود وابن ماجه ومئات الكتب غيرها تشهد لذلك.

 


أهم المراجع
القرآنيون وشبهاتهم حول السنة، خادم حسين إلهي بخش، مكتبة الصديق، الطائف، ط: 2، 1421هـ، 2000م.

القرآنيون: مصلحون أم هادمون، عمرو الشاعر، مكتبة النافذة، 2009م.

القرآنيون: نشأتهم عقائدهم أبرز أعلامهم أدلة القرآنيين وتفنيدها، علي محمد زينو، دار القبس، دمشق، ط: 1، 1432هـ، 2011م.

إجابة السائل شرح بغية الآمل، الصنعاني، تحقيق القاضي حسين بن أحمد السياغي والدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1986.

قواطع الأدلة في الأصول، السمعاني، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ/1999م.

تناقضات مؤسس القاديانية

يقول مؤسس القاديانية ميرزا غلام أحمد (المتوفى عام 1908م) إنه: “لا يمكن أن يكون في حديث العاقل وصافي القلب أيّ تناقض أو اختلاف. ولكن المجنون والمنافق يكون في حديثه اختلاف وتناقض”. وقال أيضاً: “لا بد أن يكون في كلام الكاذب اختلاف وتضاد” (الخزائن الروحانية 10/142، 21/275).

وهكذا فمن حوى كلامه -حسب القادياني- تناقضاً أو اختلافاً فهو إما أن يكون منافقاً وكاذباً أو مجنوناً، وهي قاعدة صحيحة يصحُّ أن يُرجع إليها لتقييم أقوال القادياني نفسه ودعاويه والحكم عليها، ولعل من المفيد استعراض طائفة من أقواله المدونة في كتبه ليتبيَّن القارئ حقيقته وحقيقة ما ادعاه:

1- بدأ القادياني [انظر مقال القاديانية في الموسوعة] دعوته بالدفاع عن الإسلام وأكد على أنه مجدد للإسلام ونفى مجيء نبي بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنكر ادعاء النبوة فقال: “أنا لا أدعي النبوة .. بل أنا القائل بكل الأمور الداخلة في العقائد الإسلامية.. وأُكفِّر وأُكذب كل من يدعي النبوة والرسالة بعد خاتم المرسلين واعتقادي أن وحي الرسالة بدأ بآدم صفي الله وانتهى برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم” (مجموعة اشتهارات 1/230، 231). وقال أيضاً: “فلا تظن يا أخي أني قلت كلمة فيها رائحة ادعاء النبوة كما فهم المتهورون في إيماني وعرضي.. ومعاذ الله أن أدعَّي النبوة بعدما جعل الله نبينا وسيدنا محمد خاتم النبيين” (حمامة البشرى 172)، “إن من يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم هو أخو مسيلمة الكذاب” (أنجام آثم للغلام 28). ولكنه بدءاً من سنة 1900 أخذ يدعي أن باب النبوة لا يزال مفتوحاً فقال: “ولا تحسبنَّ أن باب الوحي كان فيما مضى ولم يعد له وجود في هذه الأيام وأن روح القدس كان ينزل فيما مضى وليس له أن ينزل الآن، الحق والحق أقول: إن كل باب يمكن أن يُسد لكن باب روح القدس سيظل مفتوحاً إلى الأبد”.

2- عندما ادعى النبوة أنكر القادياني أنّه نبيّ صاحب شريعة بل هو نبي تابع لشريعة محمد ، فيقول: “فما دمت رسولاً من الله ولكن دون شريعة جديدة، ودون ادعاء جديد وبغير اسم جديد، بل جئت حاملاً اسم النبيّ الأكرم خاتم الأنبياء” (نزول المسيح للقادياني 2)، لكنّه ناقض نفسه وقال أنّه صاحب شريعة وأمر ونهي فيقول: “فلتفهم ما هي الشريعة، كل من بيَّن الأوامر والنواهي بناء على وحيه، وأسس قانوناً لأمته صار صاحب الشريعة، فبناء على هذا التعريف يلزم المخالفين أن يقرّوا بأني صاحب شريعة، لأن وحيي يشمل الأمر والنهي” (الخزائن الروحانية للغلام 17/ 435).

3- يقول القادياني: “إن السبَّ والشتم ليس من أعمال الصدِّيقين، وأن مؤمناً لا يكون لعاناً” (إزالة الأوهام للغلام 66)، ثم نجده لا يترك وصفاً قبيحاً إلا استعمله مع مخالفيه وكتبه غصت بسبابه المقذع ومن ذلك أمثلة كثيرة منها: “لا يوجد شيء في الدنيا أنجس من الخنازير ولكن العلماء الذين يخالفونني هم أنجس من الخنزير، يا آكلي الجيفة وأيتها الأرواح النجسة” (القاديانية لظهير  140نقلاً عن أنجام آثم للقادياني)، وكثيراً ما وصف مخالفيه بأوصاف توصله إلى حد القذف، وقد أوصلته بذاءته مع المخالفين إلى المحكمة الجنائية التي أدانته بأنه سيء الخلق وفاحش اللسان وأخذت منه العهد ألا يستعمل مثل هذه الألفاظ مرة أخرى، كما اعترف الغلام نفسه بهذا العهد فقال: “أنا عاهدت أمام نائب الحاكم بأني لا أستعمل بعد ذلك ألفاظاً سيئة” (القاديانية لظهير 144 نقلاً عن مقدمة كتاب البرية للغلام 13).

4- جاء في كتاب (التذكرة) لغلام أحمد (478) أنه دعا ذات مرة أن يشفيه الله من مرضين، وهما الدّوار في أعلى  البدن، وكثرة التبوّل في أسفله، لكن الله لم يستجب دعائه لأن هذين المرضين ــكما يزعمــ من علامات المسيح الموعود فيقول: “دعوت ذات مرّة للشفاء من هذين المرضين تماما، فجاء الجواب: هذا لن يكون. فألقي في روعي من عند الله تعالى أن هذا أيضا من علامات المسيح الموعود. إذ ورد أنّه سينزل بين مهرودتين، فهذان المرضان هما الرداءان الأصفران، أحدهما في أعلى البدن، والآخر في أسفله”.

لكنه ناقض نفسه فقال إن الله شفاه من كثرة التبوّل، فيقول: “لقد جرّبت ورأيت أن بعض الأمراض أن الله قد تفضّل عليّ بمجرد الدعاء وزال المرض. فقبل بضعة أيام ساءت حالتي بسبب كثرة البول والإسهال فقمت بالدعاء فتلقيت الإلهام: “دعاؤك مستجاب” فوجدت أني قد تماثلت للشفاء بعدها فوراً. إن الله أفضل الوصفات كلّها وهي جديرة بالإخفاء، ولكني أفكّر أن هذا بخل، فأضطر لكشفه للناس”. (التذكرة 483). والملاحظ أن كلا النصّين نقلا عنه في عام واحد هو 1903م.

5- يقول القادياني: “إنه من غير المعقول أبدا ومن السفاهة حقاً أن يتلقى الإنسان وحياً، وهو ليس بلغته أو لا يفهمه، لأن فيه تكليف مالا يطاق، وما فائدة الوحي الذي هو فوق فهم الإنسان”. لكنّه ناقض نفسه فقال: “بعض الوحي الذي أتلقّاه يكون بلغات لا أعرفها إطلاقاً مثل الإنجليزي والسنسكرتي والعربي وغيرها” (الخزائن الروحانية 18/435، 23/218).

ميرزا غلام متوسطا أنصاره في قاديان

6- نرى القادياني في موضع ينكر أن يأتي بعده مسيح آخر فيقول: “وإنّا إذا ودّعنا الدنيا فلا مسيح بعدنا إلى يوم القيامة”. ولكنّه عاد فقال إنه من الممكن عنده أن يأتي بعده في المستقبل عشرة آلاف مسيح فقال: “وكذلك ما ادّعيت أن فكرة المماثلة قد انقطعت من بعدي، بل من الممكن عندي أن يأتي في المستقبل حتى عشرة آلاف من أمثال المسيح مثلي” (إعجاز المسيح للقادياني 38).

7- كفَّر القادياني من لا يؤمن به باعتباره المسيح الموعود فيقول: “والنوع الثاني من الكفر هو أن لا يؤمن بالمسيح الموعود مثلاً، أو يكذب -رغم إتمام الحجة- الذي أكّد الله ورسوله على تصديقه، مع ورود التأكيد نفسه في كتب الأنبياء السابقين أيضاً، فإنّه كافر بسبب إنكاره أمر الله وأمر الرسول” (حقيقة الوحي للقادياني 164). ولكنه ناقض نفسه في موضع آخر فيقول ما ترجمته: “مذهبي من البداية بأنّ من ينكر دعوتي ليس بكافر أو دجال” (ترياق القلوب، الخزائن للقادياني 15/432).

8- اعتبر القادياني أن المحدَّث مطلع على أمور غيبيّة فقال: “فإنّني دون أدنى شك جئت من الله تعالى محدَّثاً في هذه الأمة، والمحدَّث أيضا يكون نبياً من وجه، ومع أن نبوّته ليست تامة، لكن فيه جزء من النبوّة، لأنه يحظى بشرف مكالمة الله تعالى، وتُكشف عليه أمور غيبية” (توضيح المرام للقادياني 68)،  لكنه أنكر في نص آخر أن يكون المحدَّث مطلعاً على الغيب فقال: “فلو قلتم يجب أن يسمى محدَّثاً لقلت: لم يرد في أيّ قاموس أن التحديث يعني الإظهار على الغيب” (النبوة والخلافة للقادياني 76).

9- نرى القاديانيّ يقول إنه ليس فاطميّا: “وما كنت من جرثومة العلماء الأجلّة ولا من قبيلة بني الفاطمة” (مواهب الرحمن للقادياني 72). ونراه مرّة يزعم أنّه فاطمي فيقول:”ومع أنّ الله شرّفني بأنّي إسرائيليّ وفاطميّ أيضا وإنّ لي نصيباً من كلا العرقين” (إزالة خطأ للقادياني 16).

10- سئل القادياني عن رجل يقول إن بريطانيا هي الدجال المعهود وإنها من الباغين فأنكر وشدَّد في ذلك وقال في مدحها وحكمة ملكتها التي سمَّاها (ملكتنا المكرمة المرجوة) الكثير كما جاء في كتابه (نور الحق 34)، لكنه في كتاب (التبليغ 56) أجاب عمن سأله عن يأجوج ومأجوج فأجاب: “إن هذين اسمان لقومٍ تفرَّق شعبهم في زماننا هذا آخر الزمان وهم في وصفٍ متشاركون، وهم قوم الروس والبراطنة (البريطانيون) وإخوانهم”.

11- فيما يتعلق ببعض الأحكام، عدَّ القاديانيّ أكل لحوم الحمُر (الحمير) حراماً فقال: “ما تقول يا سيدي في لحوم الحمر الإنسية؟ حرام وإن طُبخ فاكسروا قِدرها وأهرِقوها” (عربي بول جال للقادياني 4). لكنّه في موضع آخر اعتبر الحمُر من الحيوانات الطيّبة، فقال: “أفلا توجد في الدنيا دوابّ طيّبة مثل الغزلان والحمُر الأهليّة والأرانب” (إزالة الأوهام للقادياني 137).

12- في مجال النبوءات، حفلت كتبه بنبوءات كثيرة بصفته نبياً ومسيحاً موعوداً يتلقى الوحي من الله كما ادعى وهو القائل: “لا يوجد شيء لاختبار صدقي وكذبي أحسن من تنبؤاتي” (مرآة الكمالات للقادياني 288) فهل تحققت هذه النبوءات؟ وهذه طائفة منها وبيان ما آلت إليه:

  • تنبأ القادياني بأن الطاعون الذي ضرب الهند ومواضع كثيرة منها في زمانه لن يدخل قاديان أبداً فقال: “هو الإله الحق الذي أرسل رسوله في قاديان وهو يحفظ القاديان ويحرسها من الطاعون ولو يستمر الطاعون إلى سبعين سنة لأن القاديان مسكن رسوله وفي هذا آية للأمم” (القاديانية لإحسان إلهي ظهير 179نقلاً عن دافع البلاء للقادياني10، 11)، لكن الطاعون دخل إلى قاديان وفتك بأهلها خلافاً لنبوءة الدجال واعترف بذلك في إحدى رسائله إلى أتباعه: “إن الطاعون هنا يبتلى به الإنسان ويموت بعد ساعات”، لا بل إن الطاعون دخل بيته نفسه الذي يقول عنه: “إن بيتي كسفينة نوح من دخله حُفظ من كل الآفات والمصائب”، فاعترف القادياني بذلك حتى أنه خاف على نفسه: “ودخل الطاعون بيتنا فابتليت غوثان الكبيرة فأخرجناها من البيت.. ومرضتُ أيضاً حتى ظننتُ أنه ليس بيني وبين الموت إلا دقائق قليلة” (القاديانية لظهير 180).

    غلام أحمد مع أحد أبنائه

  • رغب القادياني بالزواج من ابنة أحد أقاربه وهي شابة تدعى محمدي بيجوم وعندما رفض والدها بدأ بتهديده ووعيده وبلغ به الولع بها حتى أعلن متنبئاً أن “الله أظهر علي بصورة النبوءة بأن الابنة الكبيرة لأحمد بك تزوج لي مع أن أهلها يخالفون ويمانعون ولكن الله يزوجها معي ويرفع كل الحواجز ولا يستطيع أحد أن يحول دون تحقق هذا” (القاديانية لظهير 168 نقلاً عن إزالة الأوهام للقادياني 396). بل وصل به الأمر لأن يقول عن هذه النبوءة: “فليعلم المخالفون أنه لا يوجد معيار أحسن وأصلح لاختبار صدقنا وكذبنا من هذه النبوءة” (القاديانية لظهير 174 نقلاً عن مرآة كمالات الإسلام للقادياني 288). ومع الرفض المستمر الذي قوبل به تذلل لأهلها ورغبهم واسترحمهم ليوافقوا حتى لا يشمتوا به المخالفين الذين ينتظرون مصير نبوءته فلم يلق القبول بل زوجوا الفتاة من جندي في الجيش، فأصر غلام على أنها ستزوج له لأنها زوجت له في السماء وأن زوجها سوف يموت خلال ثلاث سنوات ثم ترجع إليه، وجعل هذه النبوءة أيضاً معياراً لصدقه وكذبه، وطال الأمد ولم يمت زوج المرأة بل امتد به العمر حتى شهد موت غلام وعاش بعده أكثر من أربعين سنة. (القاديانية لظهير 173).
  • ومن تنبؤاته أنه ولد له ولد سمَّاه “مبارك أحمد” فأعلن أنه: “نور من الله ومصلح موعود.. ومشفي الأمراض.. وهذا يشتهر في أنحاء العالم وأطرافها ويفك الأسارى ويتبرك به الأقوام”، فمرض الولد وهو ابن ثمان سنوات واضطرب غلام لذلك أيما اضطراب وعالجه بكل علاج ممكن وحينما خفَّ مرضه أعلن متنبئاً “ألهمني الله بأنه قد قبل الدعاء وذهب المرض ومعنى هذا أن الله قبل الدعاء ويشفي مبارك أحمد”، وما إن أعلن هذا حتى عاد المرض من جديد وتوفي الولد بعدها بأيام ليكذب نبوءات أبيه من جديد. (القاديانية لظهير نقلاً عن جريدة الفضل القاديانية 30 أكتوبر 1940م).

المراجع

  • القاديانية، إحسان إلهي ظهير، إدارة ترجمان السنة: باكستان 1984، ط16.
  • الفاضح المتنبئ القادياني، أبو عبيدة العجاوي وهاني أمين عمرية.
  • موقع شبكة ضد الأحمدية.
  • كتب غلام أحمد من الموقع العربي الرسمي للجماعة الأحمدية.