قصيدة “مُفكِّرنا الحداثيّ والسلف”

image_print

هذه القصيدة من وحي أكبر المعارك المثارة في الفكر العربي الحديث؛ معركة الحداثة والتراث، أو الجديد والقديم. تلك المعركة التي استهلكت كثيرًا من قوانا في آخر قرنين من الزمن. نصب فيها الاتجاه الحداثيّ -بشقَّيه التغريبيّ والعربيّ- حربًا شعواء على التراث العربي الإسلامي، دون وجه حق، ودون أدنى فهم لهذا التراث، ودون وقفة لمناقشة بسيطة حول ماهية ومبرر ما يدور. ومن وحي هذه المعركة نُظمت هذه القصيدة؛ لعلَّها تنفع في تلخيص الصراع والرد الفكري الملائم للأدب الشِّعريّ.

عجبًا مُفكِّرَنا في أمرِك العَجِبِ تغتالُ أسلافًا مِن أمَّةِ العَرَبِ
عاركتَ “حدَّثَنَا”، رافضتَ “أخبرَنَا” عاديتَ “عنعَنَةً” في مِثلِ ذِيْ الرَّكبِ
ناكفتَ جاحظَنا، حاربتَ عامودًا للشِّعرِ يَضبطُهُ من مَسخِ مُنتسِبِ
لاعنتَ أزمانًا الحقُّ يَحدُوْها ورَميتَ أعلامًا بالزُّورِ والكَذبِ
قد صارَ عالِمُنا في عُرفِك السَّاريْ عِيًّا أغرَّ الفِكرِ صِنوًا لمُلتَغَبِ
واصمتَ فقهاءً بالفهمِ قد شرحُوْا لُبَّ كتابِ اللهِ وجليلَ ذا الخَطبِ
وغريبُ صاحبِنا في كَدِّهِ التَّعِبِ تقديسُ أسلافٍ مِن أمَّةِ الغربِ
فيعيبُ تعليقًا للعُرْبِ أمرَهُمُوْ بالماضيْ أسلافًا دفنَ ثَرَىْ التُّربِ
ويُنقِّبُ الداعِيْ للنقضِ مُبتنِيًا بآثارِ إنسانٍ في أواخِرِ الحِقَبِ
يونانُ، رُومانُ، آشورُ، فِينيقُ أيَّانَ مُرساها بالفخرِ والرُّحبِ
لكنْ “بُخاريْ” القومِ يا ويل ما سطرَ من مِعوَلٍ نَقِبِ
إنْ كنتَ مُخلِفَهُ ذاك الزمانَ وَرَاكَ فإنَّ فُولتيرَ قد ضُمَّ في الحسْبِ
عُذرًا مُفكِّرَنا مِن جُودِ أقراحٍ؛ إنَّ الزمانَ يُقاسُ بالوقتِ لا النَّسَبِ
والفكرُ أعدلُهُ ما قامَ بالحقِّ ما إنْ تُناطِحْهُ كالطَّودِ يَنتصبِ
السُّقمُ في الرأيِ كالسُّقمِ في النَّفسِ ذاك عياهُ الحُمقُ وتلك في العَطَبِ

Author

التعليقات

تعليقات

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك رد