الأنمي وخطورات التأثير السلبي!
أشرنا في مقال سابق إلى أن أخطر أضرار الأنمي بناء اعتقادٍ مشوّه عن الله سبحانه وتعالى، وإلى جانب هذا الضرر العظيم ثمة أضرار وتأثيرات سلبية أخرى يجب التوقّف عندها.
الأنمي وعقائد حركة العصر الجديد
يحتوي الأنمي على الكثير من عقائد القبالاه اليهودية والغنوصية وأفكار حركة العصر الجديد وخرافات الطاقة، فتجد كثيرًا من طقوس السحر ورموز العين الواحدة والنجمة الخماسية، وختم الأرواح والشياطين في أجساد البشر، وتطبيع العلاقات مع الشياطين وإبليس، بل إن الأمر يتكرر بشكل مكثف في جميع سلاسل الأنمي كأنها وحدات ناظمة لكل قصص الأنمي لجعلها أمورا مألوفة لدى الأجيال، وجعل أمر قبولها على أرض الواقع أمرا واردا عند كثير من الشباب والراشدين والجيل الصاعد كذلك..
فعلى سبيل المثال: ختم وحوش البيجو في أجساد بعض الأشخاص المتميزين ببعض الصفات، حيث كان من نصيب ناروتو أن يُختم فيه أحد أقوى وحوش البيجو وهو الثعلب الشيطان ذو الذيول التسعة، كما أن حضور اليوغا في أنمي ناروتو ملحوظ، واستدعاءه لبعض الوحوش من عالم آخر مواز للاستعانة بهم في القتال حاضر كذلك..
ورموز السحر وحجر الفلاسفة والخيمياء التي تعرض بشكل جذاب في قصة جذابة شهيرة وهي قصة: (الخيميائي المعدني الكامل) Fullmetal Alchemist، وحضور خرافات الطاقة بمسميات مختلفة في الأنمي ففي ناروتو استُعملت الكلمة السنسكريتية (التشاكرا)، و في Hunter x Hunter استعملت كلمة (النين) وغيرها، وفي دراغون بول Z استعملت كلمة (الكي) أي الطاقة الروحية الموجودة داخل كل كائن حي، والطاقة الروحية التي اكتسبها البطل (كوروساكي إتشيغو) في أنمي (بليتش) من الشينيغامي (إله الموت)… وغيرها، ولا يخفى الآن الكم الهائل من المواد الدعوية أو المتعلقة بالتنمية الذاتية التي تُضخ في اليوتيوب المروجة لخرافات الطاقة والتي لاقت قبولا كبيرا من شريحة واسعة!
عالم الأنمي والترويج للانحلال الأخلاقي
هناك فئة من الأنمي تصنّف على أنها جنسية بالكامل، وصُنِعت لذلك حصرا، ولن أذكر اسم هذه الفئة حتى لا يتعرف عليها البعض من خلال هذا المقال، وقد يظن البعض أن المشاهد الإباحية حِكر على هذه الفئة من الأنمي وأن في باقي فئات الأنمي غُنية وكفاية لمن لا يريد الوقوع في النظر المحرم، إلا أنّ الإشكال أنّ الجرأة في عرض اللقطات الانحلاليّة ليس حكرًا على هذه الفئة من الأنمي فقط، بل الأمر يتعداها إلى فئة الشونن والتي تكون موجهة للمراهقين والشباب، وفئة السينين- Seinen الموجهة للبالغين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 40، والتي غالبا ما يكون الدافع من مشاهدة هذه الفئتين الحصول على الإثارة والمتعة من مشاهد القتال والمغامرات في الأولى، والتعقيد والذكاء ومواضيع اجتماعية وفلسفية في الثانية، إلا أن هذه الأحداث يتخلل سيرها الكثير من الإيحاءات الجنسية واللقطات المُخِلّة!
وهو إجراء متبع في الكثير من الأنمي لجلب قدر كبير من المتابعات، وكذلك الترويج للثقافة الغربية في تسليع المرأة التي أصبحت اليابان إحدى أبواقها بعد الحرب العالمية الثانية.
إلى جانب هذا فقد تُعمِّد وضع المشاهدين في حالة حيرة من جنس بعض أبطال القصص في الأنمي، كما أن شكلهم يوحي أحيانا بالذكورة وأحيانا أخرى بالأنوثة، وكذلك التطبيع الممزوج بشيء من الفكاهة والمرح مع شخصيات شاذة كما هو الحال في جزيرة الشواذ في One Piece، وكذلك اليد اليمنى لقائد الجيش الثوري: (مونكي دي دراغون)، إفانكوف الذي قام بتدريب أحد أبطال القصة (سانجي)، كما أن القوة التي حصل عليها من (فاكهة الشيطان) أعطته القدرة على التحكم في هرمونات الأعداء بتغيير جنسهم، أو التلاعب بمظهرهم كما شاء، كما أن الأنمي يجعل منه أحد أنصار القضايا العادلة ذلك أنه كما سبق وذكرنا يمثل أحد الأفراد المبرّزين في الطاقم العسكري الملقب بالجيش الثوري الذي يهدف إلى إسقاط حكومة العالم والتنانين السماوية من أجل شعارات العدالة: الحرية، والقضاء على الطبقية..
وكذلك جعل المتابع يألف النمط المخنث من الذكور، والعكس صحيح أيضا بالنسبة للإناث، حيث يتم الترويج لنمط ذكوري منهن كشخصية (ميكاسا) من أنمي هجوم العمالقة. وكذلك الصورة النمطية للمرأة في الأنمي التي يُعمل على تسليعها جنسيا من خلال الطريقة المبالغ فيها في رسم مفاتن الشخصيات الأنثوية، والتركيز على المسألة جاذبيتهن وإثارتهن للذكور في الأنمي.
تعقّد الشخصيات.. بين الجد والهزل!
من الأمور التي تعتبر حجر الزاوية في تفوق الأنمي وتأثيره على شريحة واسعة من الشباب، الطبيعة المعقدة للشخصيات والابتعاد عن الصورة التقليدية المثالية للبطل حيث يُعرض هذا البطل بصورة توحي بالغباء مليئا بالنقائص، فأحيانا يكون سكيرا، وأحيانا تافها، وأحيانا زير نساء، وأحيانا أخرى يكون جبانا لا يتحلى بصفات المسؤولية وهو بطبيعة الحال مع كل ما سبق يمثل الجانب الخيِّر من شخصيات الأنمي، في حين يأتي الشرير في مظهر جذاب، صاحب شخصية كاريزمية، وفي بعض الأحيان صحاب نوايا حسنة يريد تنزيلها على أرض الواقع بغض النظر عن مدى كون الوسيلة التي يتبعها شريرة أو مدمرة، على سبيل المثال الشخصية الأسطورية لأنمي ناروتو شيبودن Naruto-Shippuden : مادارا- Madara..
ولا تخفى خطورة هذا الطرح الأخلاقي في تلبيس الحقيقة وضياعها على المتابع، والترويج لفكرة مفادها أن الإنسان معذور في إجرامه الناتج عن عوامل نفسية، أو اجتماعية أو غيرها.. وهو فتح لمجال واسع أمام الشباب في التماس الأعذار لكل ما يصدر عنه من أخطاء، أما الخير فلا حق له في محاكمة الشر، ولا سُلطة له عليه، لأن الظروف التي تهيئت للإنسان الخيّر وصنعت منه ذلك الإنسان، لم تتوفر للشرير.
كما أنه وفي الكثير من سلاسل الأنمي يتم تسليط الضوء بعناية على الشخصية الشريرة بعرض ماضيها وعواطفها الداخلية والتماس الأعذار لجرائمها البشعة، حتى إن المتابع ليشعر أحيانا بأنه متعاطف مع الجانب الشرير أكثر من الجانب الخيِّر.
ونادرا ما تجد بطلا من أبطال الأنمي الأخيار، متكاملا حسب معايير القوة في الأنمي إلا إذا كان الأنمي مصنفا على أنه كوميدي لتجنب الرتابة والملل الناتج عن مثالية شخصية البطل، على سبيل المثال أنمي One Punsh Man .
غالبا ما تكون قصص الأنمي -خصوصا الشونن- التي تستهدف المراهقين بدرجة كبيرة تُركز على أنّ الثقة بالنفس وتقدير الذات يحققان المستحيل، وغالبا ما يظهر البطل بمظهر العاجز الفاشل الذي سينتصر في آخر المطاف، بل وأحيانا يمتد فشل البطل لحلقات كثيرة يعيش معها المتابع جميع لحظات اليأس والإحباط، ثم فجأة يستجمع البطل قواه أو ينتبه إلى أمر يمكِّنه من النصر لم يكن قد انتبه له قبل ذلك، نجد هذا في Dragon Ball، و Naruto، و One Piece، HxH ،Bleach… وهلم جرا.. وهذا يُكسب الـمُشاهد شعورا مُرضِيا بظروف حياته التي كان يراها في بعض جوانبها يائسة لا تستحق عناء التغيير، لكن إصرار البطل وثقته بنفسه، والقوة المتولدة عن ذلك، والنتيجة، كل ذلك يبعث الأمل من جديد، إلا أن هذا الأمل للأسف أمل نابع من ثقافة ينعدم فيها مفهوم التوكل على الله، أمل يقنعك أن النجاح يبدأ منك أنت وحدك، ثم يلي ذلك العمل والقتال من أجل هدفك، ولا مكان للتوكل في هذه المعادلة التي نكتسبها من الأنمي بدون وعي أحيانًا!
التأثر والانبهار
بلغ تأثير الأنمي في كثير من الشباب إلى تغيير تسريحات شعرهم وترجيل الشعر بطريقة غريبة لموافقة شكل بعض شخصيات الأنمي، بل بلغ الأمر بالبعض إلى تقليد الهيئة الغريبة لمشية وجلوس بعض الشخصيات التي يتم التصريح في حلقات ذلك الأنمي بغرابتها ومخالفتها للمألوف، كهيئة مشي وجلوس الشخصية العبقرية للمحقق (لاو ليث) المشهور بـ: L، من مسلسل مذكرة الموت
والأخطر من هذا، تقليد الشخصيات في طريقة الحياة وطبيعة النظر للأشياء، فتجد من ينظر إلى الحياة على أنها عبث بلا معنى له وأنها لا تستحق الاكتراث، ومنهم من يستسهل الوقوع في الكبائر والمحرمات لإعجابه الشديد بشخصية تمثل جانب الخير في أنمي معين، لكنها منغمسة في ملذات الحياة والعلاقات المحرمة، ولابد أن التأثر بشخصيات الأنمي ومن تم تقليدهم نابع عن حب شديد وتأثر بالغ، ولذلك نجد من الصحابة كعبد الله بن عمر مثلا من كان يحاول مطابقة هيئة لباس رسول الله ﷺ فيلبس نعلا لا شعر فيه يشبه نعل النبي ﷺ، أو يضع على رأسه عمامة مسدلة يمرر طرفها المتبقي بعد عصبها على رأسه إلى الكتف الآخر، فيُسأل فيقول أنه يفعل ذلك لأنه رأى رسول الله ﷺ يفعل ذلك، وكذلك يلبس عثمان بن عفان رضي الله عنه إزارا إلى نصف الساق فيقول رأيت صاحبي ﷺ يفعل ذلك. ولقد علِمتَ أن العمامة والنعل لا تعبُّدَ في التشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في لُبسهما، إذ كما قرر علماؤنا أنه لا يصح في فضل العمامة حديث، إلا أن شدة الحب دفعت الصحب الكريم إلى موافقة الظاهر من الملبس والمأكل والمشرب بشكل مثير للدهشة والعجب!
أما عن ظاهرة الوايفو، وهي ظاهرة أصبحنا نراها بصفة متكررة وهي وقوع بعض الشباب في حب فتاة من عالم الأنمي وإعلانه الزواج بها، فهو منتهى ما يصل إليه الهوس والجنون في عالم الأنمي
أما عن ضياع الوقت والعمر في مشاهدة الأنمي فكثير من الشباب اليوم غارقون في متابعة سلسلة بعد سلسلة، ويتنافسون في معدل الحلقات المتابع يوميا، وكذلك في الوقت الوجيز الذي شاهد فيه سلسلة تقع في زهاء 400 حلقة تزيد أو تنقص، وكثير منهم يعيش حالة من السبهللية -الاستهتار المبالَغ فيه- لا يُراعى فيها قضاء مصالح الدنيا ولا مصالح الآخرة، فتجدهم منغلقين على أنفسهم، وفاشلين دراسيا، لا مكان للعمل للآخرة في حياتهم، فماذا يكون الخسران إن لم يكن متمثلا في هذه الحالة؟!
اترك رداً
Want to join the discussion?Feel free to contribute!