مقالات

الشيعة الإمامية الاثناعشرية

يقول كبار منظّري التشيع إن مذهبهم يعود في جذوره إلى آدم نفسه، وإنه ما من نبي إلا وعرض عليه الإيمان بولاية علي، حيث ينقل الكليني في كتابه “الكافي” عن أبي الحسن قوله “ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، ووصية عليّ عليه السلام” [1/437]، وليس هناك أي نص قرآني يدعم هذه الدعوى.

ويقول بعضهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي وضع بذرة التشيع، وذلك قبل وفاته وبدء الصراع بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، فيقول القمي إن الشيعة كانوا معروفين في زمان النبي ويقولون بإمامته، ومنهم المقداد بن الأسود وسلمان الفارسي وأبو ذر وعمار بن ياسر. وهم أول من سُمّوا باسم التشيع من هذه الأمة [المقالات والفرق، ص15].

وقد وافق عدد من كبار أئمة الشيعة على هذا الرأي، ومنهم النوبختي في كتابه “فرق الشيعة”، لكن هذا الرأي لا يؤيده أي نص قرآني أو حديث نبوي، كما أنكر بعض من مشايخ الشيعة هذا الاعتقاد، فقال محمد حسين آل كاشف الغطاء إنه لم يكن للشيعة والتشيع وجود في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما [أصل الشيعة وأصولها، ص 48]، كما قال ابن المرتضى إن عمار بن ياسر كان عاملا لعمر بن الخطاب في الكوفة وإن سلمان الفارسي كان عاملا له أيضا في المدائن، فكيف يُعقل أن يكونا متمردين على خلافته؟

والأرجح أن إرهاصات التشيع بدأت في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وذلك على يد عبد الله بن سبأ وجماعته، وهو يهودي من اليمن أظهر إسلامه بالمدينة المنورة في عهد عثمان، ثم خرج على الفور إلى العراق لينشر فكرة الغلو بعلي بن أبي طالب ويزعم أن ابن عم رسول الله يستطيع أن يعرف الغيب، فطرده عبد الله بن عامر، فتوجه إلى الشام وحرّض بعض الصحابة فيها على الثورة ضد الأغنياء، فأخرجه معاوية الذي كان واليا على الشام، ليتوجه إلى مصر ويبدأ بتوسيع خطته من هناك.

وكما حرّف اليهودي شاؤول (بولس) دين التوحيد الذي جاء به عيسى عليه السلام [انظر مقال المسيحية] عن طريق نشر أسطورة رفع عيسى إلى السماء وحلول الإله فيه، وذلك لتضليل أتباع المسيح بدلا من ملاحقتهم، فقد حاول اليهودي ابن سبأ أن يفعل الشيء نفسه بالإسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ يقول في عهد عثمان إنه يعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ولا يصدق أن محمدا يرجع، واستدل بالآية الكريمة {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، كما بدأ بنشر فكرة أن يكون لكل نبي وصيّا، داعيا إلى جعل علي بن أبي طالب ابن عم النبي وصيا له.

وكان نشاط ابن سبأ على الأرجح جزءا من مشروع لجمعية منظمة [انظر مقال الجمعيات السرية]، فكان معاونوه يُظهرون الإسلام في البصرة والكوفة وينشرون فكرتي الوصية والرجعة، حتى صدّقهم الكثير من العوام والأعراب والعبيد والموالي.

ويقول العديد من المؤرخين السنة إن علياً تصدى لابن سبأ وأنصاره الذين تكاثروا بسرعة، حتى أقنع الكثيرين منهم بالتراجع، فقرر السبئيون (كما يسميهم المؤرخون) أن يختصروا طريق الفتنة بقتل رأس الأمة، وبدأوا بإثارة الشبهات للطعن في عثمان وعدالته بحجج واهية، كما تفعل وسائل الإعلام الرسمية اليوم في الدول الدكتاتورية.

تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع الفتنة، وتسلق بعض المتمردين سور دار عثمان وقتلوه وهو يقرأ القرآن، لتبدأ بذلك سلسلة من الفتن التي ما زالت آثارها قائمة في يومنا هذا، حيث يُنسب إلى السبئيين أيضا دور في إشعال فتن أخرى مثل معركة الجمل وإفشال المفاوضات بين علي وطلحة والزبير ونشر فكرة تأليه علي.

ومع أن الصحابة والتابعين كانوا خير القرون في التاريخ، فقد نجح الشيطان وحزبه جزئيا في تفريقهم ودفعهم للاقتتال فيما بينهم، بينما ظل ابن سبأ حياً يرزق إلى ما بعد مقتل علي رضي الله عنه، ليمارس فتنة أكبر بادعائه أن علياً إله لا يموت بل رُفع وسيرجع لينصر أتباعه، وهي فكرة “الرجعة” نفسها التي كان يتحدث ابن سبأ عنها في حق النبي قبل ذلك. وهذا النجاح الجزئي ليس مؤشرا على فشل الإسلام نفسه، فالصحابة والتابعون بشر عاديون لم يتكفل الوحي بعصمتهم ولا بحفظهم، وكما تفرق أتباع الأنبياء السابقين ووقعوا في الشرَك الذي نصبه أعداؤهم فقد وقع كثير من الصحابة فيه أيضا، بينما تنبه آخرون وبذلوا كل جهدهم لرأب الصدع وقطع رؤوس الفتنة.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قومه بأنهم سيتفرقون ويُفتنون كما حدث لتلك الأمم فقال: لتتبعن سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه، فقال الصحابة: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟! [البخاري: 3269، ومسلم: 2669].

سلمان المرشد

نجح ابن سبأ نجاحا باهرا في زرع أسطورة الغيبة والرجعة في عقول الكثيرين، حتى أصبحت من أهم عقائد المذاهب الباطنية التي خرجت من تحت عباءة التشيع، فكان من السهل على الكهنوت استغلال هذه الأسطورة كلما توفي أحد الأئمة الكبار لإقناع العوام بأنه لم يمت، وأنه سيرجع ليملأ الأرض عدلاً في آخر الزمان.

فبعد موت علي رضي الله عنه، طُبقت الأسطورة نفسها في حق محمد بن الحنفية ومحمد بن الحسن العسكري وإسماعيل المبارك وابنه محمد والحاكم بأمر الله والطيب أبو القاسم، وفي العصر الحديث طبقها النصيريون (العلويون) في حق سلمان المرشد الذي ادعى الألوهية ثم قُتل شنقا، ويقال إن كثيرا من النصيريين اعتقدوا بها أيضا في حق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.

ويجدر بالذكر أن التشيع لعلي في البداية لم يكن أكثر من وجهة نظر في مسألة سياسية بشأن الخلافة، فغالبية الصحابة والتابعين رأوا أن علياً أحق بالخلاقة من معاوية لاجتماع كلمة الناس على بيعته، لكن السبئية كانوا قد استبقوا بيعة علي ببث الأفكار الباطنية بشأن الغيبة والرجعة لتمهيد الطريق أمام ربطها بفكرة الوصية، وعندما وقع الخلاف بين علي ومعاوية ألصق السبئيون أفكارهم العقائدية هذه بالخلاف السياسي، فتبعهم بذلك فئة من المتشيعين لعلي، وكان هؤلاء هم أوائل الشيعة الذين ابتدأ على أيديهم مذهب ديني له أصوله ومعتقداته وتأويلاته الخاصة للنصوص.

ابن سبأ.. حقيقة أم خيال؟
لم يشك قدماء المؤرخين المسلمين بوجود ابن سبأ وجماعته واستغلالهم للخلافات السياسية لبث أفكارهم العقائدية، ومع أن البعض يُشيع اليوم أن المؤرخ والمفسر ابن جرير الطبري (توفي عام 310هـ) كان أول من أبرز هذه الشخصية، إلا أن اسم ابن سبأ وجماعته (السبئية) ذُكرا في عشرات المراجع والأشعار التي ظهرت قبل الطبري، فتحدث عنه الفرزدق والشعبي وابن سعد والجوزجاني وابن قتيبة والبلاذري وغيرهم. أما في العصور اللاحقة فنجد ذكر ابن سبأ وعدّه على رأس الزنادقة لدى كبار الأئمة، أمثال الذهبي والسمعاني وابن تيمية وابن عساكر والشاطبي والمقريزي.

علاوة على ذلك، تكاد تجمع كتب منظري الشيعة الأوائل على وجود ابن سبأ، مثل مؤلفات القمّي والنوبختي والكشّي، حتى “أجمع القدماء على وجوده بلا استثناء” كما يقول الدكتور علي الصلابي [سيرة عثمان بن عفان، دار ابن كثير، ص 316].

وفي العصر الحديث، أقر غالبية المستشرقين بوجود ابن سبأ، أمثال يوليوس فلهاوزن وفان فولتن وليفي ديلافيدا وجولد تسيهر ورينولد نيكلسن، بينما شكك في وجوده البعض، أمثال كيتاني وبرنارد لويس وفريد لندر، وتبِعهم في ذلك الدكتور طه حسين والعديد من العلمانيين، ثم دعم هذا الطرح غالبية الشيعة المحدثين، لينفوا علاقة التشيع باليهودية، وزعموا أن سيف بن عمر التميمي اخترع تلك الشخصية، وأن الطبري نقلها عن مصادر غير موثوقة في القرن الثالث الهجري، مع أننا نجد روايات كثيرة عند ابن عساكر تذكر ابن سبأ من طرق أخرى ليسب فيها سيف بن عمر، وقد حكم الألباني على بعضها بأنها صحيحة. [سيرة عثمان بن عفان، ص 317].

وللأسف، أيد باحثون من السّنة هذا الرأي، انطلاقا من فكرة مفادها أنه لا يليق بالصحابة أن يُخدعوا من قبل شخص واحد يوقع بينهم كل تلك الفتنة. لكن الروايات التاريخية تدل على أن ابن سبأ كان قائدا لشبكة تخريبية متوزعة على أقطار عدة، كما أن نفي أثره ليس ضروريا لتنزيه الصحابة عن الخطأ، بل سؤدي هذا النفي بالمقابل إلى إثبات تورط الصحابة في اقتتال داخلي وفتن كبرى دون أثر خارجي من العدو، وهذا هروب من قبيح إلى أقبح.

يقول الدكتور علي الصلابي “إذا كان ابن سبأ لا يجوز التهويل من شأنه كما فعل بعض المغالين في تضخيم دوره في الفتنة، فإنه كذلك لا يجوز التشكيك فيه أو الاستهانة بالدور الذي لعبه في أحداث الفتنة كعامل من عواملها، على أنه أبرزها وأخطرها؛ إذ أن هناك أجواء للفتنة مهدت له، وعوامل أخرى ساعدته”. [سيرة عثمان بن عفان، 320].

كما اجتهد باحثون معاصرون من السنة والشيعة في الرد على دعوى نفي وجود ابن سبأ، ومنهم الصلابي ومحمد أمحزون وسليمان بن فهد العودة وعلي آل محسن.

أهم الأصول التي انفرد بها الشيعة
1- الإمامة أو الخلافة: تعد من أركان الإسلام، وهي تنص على أن الإمامة لعلي بن أبي طالب، وللأئمة الاثني عشر من ذريته، ولا يجوز للنبي أن يفارق الأمة دون تعيين الإمام من بعده لأنها لا تخضع للرأي والمشورة، وتعدّ الإمامة كالنبوّة من حيث العصمة من جميع الذّنوب منذ الولادة، ويجب أن ينص الإمام السابق على اللاحق بالعين لا بالوصف ولا الانتخاب.

2- العصمة: يرى الشيعة أن الله أعطى العصمة للأنبياء ثم للأئمة الاثني عشر من أهل البيت ليكونوا دليلا للمسلمين، بحيث لا يقع منهم خطأ ولا سهو، بل بالغ بعضهم وجعل مرتبة الإمام فوق الأنبياء والملائكة، وحاول إثبات ذلك بأدلة فلسفية بقوله: “فإن للإمام مقامًا محمودًا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولاياتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريا مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملَك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم (ص) والأئمة (ع) كانوا قبل هذا العالم أنوارًا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله” [الحكومة الإسلامية، الخميني، ص 52].

3- القرآن الكريم: لا يعتقد كثير من الشيعة بحفظ القرآن الكريم من التحريف والزيادة والنقصان، ومن أهم المصادر في ذلك كتاب المحدّث النوري الطبرسي: “فصْل الخِطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب”، الذي يضم أكثر من ألفي رواية تنص على التحريف، إضافة إلى أقوال الكثير من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين الذين أقروا بذلك. وفي المقابل، ينفي الكثير من علماء الشيعة التحريف، ويعتبرون أن النوري الطبرسي نفسه كان يثبت ذلك في كتابه، ويرى الشيخ الشيعي محمد الحسيني الشيرازي أن كتاب “فصل الخطاب” تعرض للتدليس والإضافات من قبل المستشرقين وأن اسمه الحقيقي هو “فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب”. [انظر مجلد “السنّة المطهّرة” من موسوعة “الفقه”. ص 165].

4- انتظار المهدي: وهو لدى الاثني عشرية محمد بن الحسن العسكري، ومن أسمائه الحجة والقائم، ويقولون إنه ولد سنة 255هـ واختفى في سرداب مدينة سُرَّ منْ رأى (سامراء)، وسيخرج في آخر الزمان وينتقم من أعدائهم، كما سيُخرج الصحابة من قبورهم ويعذبهم ويحرقهم، وأولهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

ويترقب الشيعة الفرس أن ينتقم المهدي لهم من العرب أيضا، فيقولون “عن أبي عبد الله أنه قال: إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف” [بحار الأنوار للمجلسي، 52/355].

5- تكفير معظم الصحابة: مع أن هناك خلافا بين طوائف الشيعة بشأن موقفهم من الصحابة، إلا أن الكثير منهم يكفّرون معظم الصحابة ويصفونهم بالردة، وخصوصاً أبا بكر وعمر وعثمان، ويستثنون عددا قليلا من الصحابة “المنتجبين”، وقد لا يزيد عددهم عن ثلاثة فقط –عند بعضهم- وهم المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي.

6- الطعن في زوجات النبي: يرى الشيعة أن السيدة عائشة زوجة النبي صلى اله عليه وسلم خالفت الشرع وخرجت على الإمام علي ولم تحقن دماء المسلمين، وبما أنها كانت ابنه أبي بكر أيضا فقد وضع بعضهم قصصا تتهمها بالتآمر على النبي وإيذائه، بل وممارسة الفاحشة، مع أن القرآن الكريم برّأها في سورة النور.

يقول محمد بن حسين الشيرازي القميّ “مما يدل على إمامة أئمتنا الاثني عشر أن عائشة كافرة مستحقة للنار” [الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين للقمي، ص 615].

7- التقية: تعد من أصول الدين ومن لوازم الاعتقاد، بل لا دين ولا إيمان لمن لا تقية له عند الكثير منهم، حيث يروون عن جعفر الصادق قوله “إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له”، وهذا الاعتقاد يجعل من مذهب الشيعة عقيدة سرية، فهو من المعتقدات النادرة التي تدعو أتباعها إلى إخفاء معتقداتهم وإظهار نقيضها دون ضرورة.

8- زواج المتعة: يخالف الشيعة عامة المسلمين بإباحتهم لزواج المتعة، وينسبون إلى أئمتهم روايات عن فضله وثوابه، وكأنه نوع من العبادة، ومنها: “روى صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام، قال قلت له: للمتمتع ثواب؟ قال: إن كان يريد بذلك وجه الله تعالى وخلافاً على من أنكرها، لم يكلمها كلمة إلا كتب الله تعالى له بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة، فإذا دنا منها غفر الله تعالى له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما مرّ من الماء على شعره، قلت: بعدد الشعر؟ قال: نعم بعدد الشعر” [من لا يحضره الفقيه، الصدوق، 3/302]. وهذا النوع من النكاح كان محل خلاف بين الصحابة، لكن الإجماع استقر في عصر التابعين على تحريمه، ولا يخالف في ذلك أحد من علماء السنّة بعدهم.

أهم الأصول التي يخالف فيها الشيعة السنة

1- الإمامة منزلة يؤتيها الله لرجل من آل بيت النبي وتنتقل بالتعيين.
2- الإمام معصوم وقد يكون أعلى منزلة من النبي.
3- القرآن ليس محفوظا.
4- الإمام الثاني عشر هو المهدي وسيعود ليحكم العالم.
5- معظم الصحابة مرتدون.
6- بعض زوجات النبي معرضات للطعن.
7- التقية مستحبة أو واجبة.
8- زواج المتعة مباح.

الإمامة والمهدوية
تعد الإمامة بمثابة العمود الفقري للتشيع، ففي حين يعتبر المسلمون السنة مسألة الخلافة أمرا فقهيا يخضع للاجتهاد وظروف السياسة الشرعية، فإن الشيعة يجعلون من الإمامة ركنا أساسيا من العقيدة نفسها، وبذلك ربط الفقهاء المؤسسون عقيدة عوام الشيعة بمدى ولائهم للأئمة، كما كان يربط الكهنوت الوثنيون إيمان كل فرد من الشعب وخلاصه بمدى ولائه للملك الذي يقدم نفسه في صورة إله أو نصف إله.

وإذا كانت الخلافة لدى المسلمين السنة تخضع للمشورة، فإن الإمامة الشيعية لا رأي فيها للناس، بل هي حسب اعتقادهم حق منصوص عليه لسلالة آل البيت، ولا يتم إيمان الفرد إلا بالاعتقاد بحق كل إمام فيها، ما يقطع الطريق على محاولات التمرد قبل ظهورها.

والإمام طبقا للمفهوم الشيعي معصوم واجب الطاعة، وحقه بالإمامة منصوص عليه من الله على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله، لذا تجب طاعته على جميع المسلمين في شؤون الدين والدنيا، وهو الوحيد الذي يحق له أن يفسر القرآن الكريم ويؤوّله، وقد جعله البعض في مرتبة أعلى من الأنبياء كما ذكرنا أعلاه نقلا عن الخميني.

 

مقام الإمام الرضا بمدينة مشهد الإيرانية

ويرى الشيعة الاثنا عشرية أن الأئمة هم على الترتيب التالي: علي بن أبي طالب، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي زين العابدين، محمد الباقر، جعفر الصادق، موسى الكاظم، علي الرضا، محمد الجواد، علي الهادي، الحسن العسكري، محمد المهدي.

وقد وقع الشقاق بعد موت العديد من الأئمة، فكانت تنشأ بعض الفرق التي تنكر موت الإمام وتظن أنه رُفع إلى السماء كما رفع عيسى عليه السلام، فزعم بعضهم على سبيل المثال أن الإمام السادس جعفر الصادق قال لهم “إن جاءكم من يخبركم عني أنه مرّضني وغسلني وكفنني ودفنني فلا تصدقوه، فإني صاحبكم، صاحب السيف”، فاعتقدوا أنه هو المهدي وأنه لم يمت، وسميت هذه الفرقة بالناووسية، نسبة لقائدهم الناووس.

لكن فريقا آخر رأى أن جعفر مات حقا وأوصى بالإمامة لابنه الأكبر إسماعيل المبارك، بينما رأى فريق ثالث أن الإمام هو موسى الكاظم الابن الثاني لجعفر، وذلك لثبوت موت إسماعيل في حياة أبيه، فتمسك الفريق الأول برأيه منكرا موت إسماعيل ونشأ عنه مذهب الإسماعيلية الذي تغلغلت فيه العقائد الباطنية وانتهى به الحال خارج الإسلام، حيث ما زال جزء من الإسماعيلية يؤمنون بأن إسماعيل حي لم يمت، بينما يؤمن جزء آخر بأن محمد بن إسماعيل هو الإمام والمهدي المنتظر. أما الفريق الذي يضم معظم شيعة اليوم فهو الذي آمن باستمرار الإمامة في سلالة موسى الكاظم، وسمي بالشيعة الاثني عشرية لأن الإمامة في عقيدتهم توقفت عند الإمام الثاني عشر.

وفي عام 260هـ توفي الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (نسبة إلى مدينة عسكر قرب بغداد) دون أن يترك ولدا خلفه كما يذكر المؤرخون السنة، فوجد الشيعة مخرجا للمأزق بالقول إن العسكري كان له ولد اسمه محمد، إلا أنه أخفى وجوده عن الناس خوفا عليه من العباسيين، وقالوا إن الطفل محمد دخل سردابا في سامرّاء، ولسبب غير مفهوم قالوا إنه ظل متخفيا هناك فيما يسمى بالغيبة الصغرى التي امتدت 72 عاما، ثم وجدوا حلا لغيبته بابتكار مفهوم السفراء الذين يقومون بمهمات الإمام الغائب ويقودون الشيعة، وقيل إن المهدي يتواصل مع سفرائه مباشرة ويوجه أوامره من خلالهم، فظهر أربعة سفراء هم عثمان بن سعيد العمري ومحمد بن عثمان العمري والحسين النوبختي وعلي السَّمَري.

وبوفاة السمري بدأت الغيبة الكبرى عام 329هـ، حيث قيل إن الإمام المهدي أرسل رسالة للناس يقول فيها إنه لن يكون هناك نائب عنه، وإنه سيغيب فترة غير محددة بانتظار الظروف المواتية لخروجه، وأوصى الناس بالعودة للفقهاء الحافظين والعلماء العارفين حتى يخرج إليهم في آخر الزمان.

وبحسب هذه الأسطورة فإن المهدي تسلم الإمامة وعمره خمس سنوات فقط، وهو ما زال حيا ويتصل بكبار الفقهاء، وقد تجاوز عمره الآن 1170 سنة.

وتزخر كتب أئمة الشيعة بقصص ونبوءات وصفات المهدي، وهي تشبه في الكثير من ملامحها وتفاصيلها الآثار الفارسية الزرادشتية التي تنبأت بقدوم المخلّص “سوشيانت المنتصر” في آخر الزمان، كما يشير بعضها إلى أنه يجمع في دمه أقدس سلالات الأنبياء والملوك، فهو ينحدر من سلالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه، أما أمه فهي بنت يشوعا بن قيصر ملك روما، وأمها من بنات حواريي المسيح وتُنسب إلى وصيه شمعون [بحار الأنوار للمجلسي، ج 51].

مسجد جمكران قرب قم الذي يعتقد الشيعة أنه بني بأمر المهدي

يطلق على الشيعة الإمامية أيضا مسمى الرافضة، حيث يقول العالم السنّي ابن تيمية إن الشيعة افترقوا إلى رافضة وزيدية في زمن خروج زيد بن علي زين العابدين، فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر ترحم عليهما، فرفضه بعضهم فسُمّوا بالرافضة، بينما سُمّي من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه، وهؤلاء ما زالوا على مذهبهم القريب من السنة في اليمن. أما الشيعة فيرفضون تلك القصة، ويعتبرون أن مصطلح الرافضة أطلق عليهم لأنهم رفضوا الباطل وتمسكوا بالحق.

مصادر المذهب
بما أن التشيع نشأ في ظل الإسلام فإن فقهاءه يلتزمون بالعودة إلى القرآن والسنة بصفتهما مصدر الوحي والتشريع، لكن نقطة الافتراق عن بقية المسلمين تبدأ من حيث الاعتقاد بعصمة الأئمة واعتبارهم مصدرا إضافيا للتشريع، حيث لا تقتصر السنة لدى الشيعة على أقوال وأفعال الرسول بل تشمل أيضا كل ما يُنسب إلى الأئمة.

ويترتب على الاعتقاد بالعصمة أيضا فتح الباب أمام احتمالات شتى لفهم القرآن الكريم تحت مسمى التأويل الباطني الذي لا يعرف سره إلا الإمام “المعصوم”، لا سيما وأن المدونين الأوائل لأقوال الأئمة ليسوا موضع ثقة لدى علماء الجرح والتعديل المعتمدين لدى المسلمين من غير الشيعة، بل لم يكونوا كذلك حتى لدى بعض الفقهاء الشيعة الكبار، الأمر الذي يضع معظم أصول المذهب في موضع التشكيك عندما تُنقد الروايات بضوابط النقل والتثبت.

علاوة على ذلك، أدت عقيدة تكفير الصحابة -أو تكذيبهم على الأقل- إلى نبذ مؤسسي التشيع للمصادر المعتمدة للأحاديث النبوية (السنة) [انظر مقال السنة النبوية]، ومن ثم فإن المصادر الحديثية المحققة كصحيحي البخاري ومسلم لا يُعتد بها لديهم، ليس لأنها موضع شك من حيث ثبوت النقل، بل لأنها روايات منقولة عن الصحابة الذين تم تكفيرهم أصلا، فضوابط قبول الروايات أو رفضها لدى الشيعة تقوم أساسا على الجانب الاعتقادي (التسليم) وليس على البحث العلمي.

ونظرا لتشتت الشيعة إلى فرق شتى بناء على ولاء كل فرقة لإمام معين، فقد كانت كل فرقة تدون رواياتها المنسوبة لإمامها بعد موته، علما بأن الانقسام لم يقتصر على الخلاف بشأن خليفة جعفر الصادق، بل انقسم أتباع الحسن العسكري بدوره إلى ما يقرب من عشرين فرقة بعد موته، وكل فرقة منها كانت تضع من الأخبار والروايات ما يؤيد عقيدتها الجديدة، لكن فرقة الإمامية الاثني عشرية هي الوحيدة التي آمنت بإمامة محمد بن الحسن المهدي، ولم تضع الروايات المتعلقة بالاثني عشر إماما إلا بعد موت العسكري، أي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، بالرغم من دعوى بدء التدوين قبل ذلك.

يقول فقهاء الشيعة إن تدوين الأحاديث والأخبار يعود إلى “الأصول الأربعمئة”، وهي أربعمئة كتاب يقولون إنها دونت في القرن الثاني الهجري على يد أصحاب الإمامين جعفر الصادق وموسى الكاظم، ومع أن هذه الكتب غير موجودة حاليا، فإنهم يقولون إن الشيخ محمد بن يعقوب الكُليني رحل إلى العديد من البلدان الإسلامية لجمع أكبر قدر ممكن مما جاء في هذه الأصول ووضعها في كتابه “الكافي”، ثم جاء من بعده عالمان آخران ووضعا كتبا مشابهة، وهما الطوسي مؤلف “التهذيب” و”الاستبصار”، والصدوق مؤلف “من لا يحضره الفقيه”، وتعد هذه الكتب الحديثية الأربعة المصدر الأساسي المعتمد لدى الشيعة اليوم، مع أنها كانت جميعا كتبا فقهية وليست متخصصة في الحديث.

يؤمن الشيعة بأن الكليني عرض كتابه الكافي على المهدي الغائب في السرداب وأنه أقره عليه، ويعتقدون أن جميع ما ورد في الكتب الأربعة صحيح ولا شك فيه، حيث يقول عنها الشيخ الحر العاملي “قد عرفت أن أكثرها متواتر لا نزاع فيه، وأقلها -على تقدير عدم ثبوت تواتره- فهو خبر محفوف بالقرينة القطعية” [وسائل الشيعة، 20/107].

مع ذلك، انتُقدت تلك الكتب الأربعة كثيرا، فشيخ الطائفة الطوسي قال في كتابه “عدَّة الأصول” إن أحاديث “التهذيب” تزيد على خمسة آلاف، بينما تبلغ أحاديثه في النسخة المتوفرة 13950 حديثا، ما يعني أن معظم ما فيه قد تمت إضافته بأيد مجهولة، ولا يمكن لأحد في عصرنا أن يُميز ما وثقه الطوسي عن غيره.

أما موسوعة الكافي فقد ذكر الطوسي في “الفهرست” أنها كانت مكونة من ثلاثين كتابًا (جزءا)، ومع ذلك فقد وصل إلينا مجزءا في خمسين كتابا، ولا يُعرف من أين جاءت الزيادة، كما شكك بعض فقهاء الشيعة بأحد أهم هذه الأجزاء، وهو كتاب “الروضة”، الذي يختص بالقضايا العقائدية التي تقوم عليها أهم عقائد الشيعة ومنها الإمامة، حيث يُعتقد أن مؤلفه ليس الكليني نفسه.

ويقر الباحث اللبناني الشيعي المعاصر هاشم الحسني بأن وثوق الكليني بالروايات التي جمعها “لم يكن مصدره بالنسبة إلى جميعها عدالة الرواة؛ بل كان في بعضها من جهة القرائن التي تيسر له الوقوف عليها… بالإضافة إلى عنصر الاجتهاد الذي يرافق هذه البحوث في الغالب” [دراسات في الحديث والمحدثين، ص 134]، ويضيف الحسني أن الكليني أقر بنفسه بأن كتابه لم يجمع الروايات الصحيحة ذات السند المتصل بالإمام، بل قال الكليني إنه بذل جهده في الجمع والتحقق دون أن يكون متأكدا، ومع ذلك فإن الفقهاء الذين جاؤوا بعد الكليني وحتى اليوم يُجمعون على أن الكافي صحيح بكل ما فيه، وإلا فإن أركان مذهبهم كلها معرضة للانهيار.

علاوة على ذلك، لم يجد مؤلفو الكتب الأربعة مانعا من الرواية عمن يُطعن في دينهم بالرغم من إقرارهم بضرورة التمحيص، فقال الطوسي “فإذا ذكرتُ كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول، فلا بد من أن أُشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح، وهل يُعوَّل على روايته أو لا؟ وأبين عن اعتقاده، وهل هو موافق للحق أو هو مخالف له؟ لأن كثيرًا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كتبهم معتمدة” [الفهرست للطوسي، ص 32]، والإقرار بضرورة الجرح والتعديل أمر جيد، لكن المحير أن الطوسي يعترف بعد ذلك فورا بأن انتحال بعضهم لمذاهب فاسدة لا يطعن في كون كتبهم معتمدة.

ومن الملفت أيضا أن العلماء الذين تلقوا كل ما نُسب للأصول ليس لديهم دليل على صحة انتساب كل واحد من أولئك الأربعمئة للفرقة التي يعتبرون أنها على صواب، فقد بينّا سابقا أن الشيعة كانوا ينقسمون إلى فرق عدة بعد موت عدة أئمة، حتى إنهم تفرقوا إلى ست فرق بعد موت جعفر الصادق الذي نُسبت الأصول إلى أصحابه، كما أن العديد من الأخبار الواردة في تلك الأصول يتحدث عن الأئمة الذين جاؤوا بعد الصادق، فلا يُعرف متى كُتبت تلك الأخبار والأحاديث.

يقول الوحيد البهبهاني إن “معاصري الأئمة وقريبي العهد منهم كان عملهم على أخبار الثِّقات مطلقًا، وغيرهم بالقرائن، وكانوا يردون بعض الأخبار أيضًا؛ لما ثبت بالتواتر من أن الكَذَبَة كانوا يكذبون عليهم، لكن خَفِيَ علينا الأقسام الثلاثة، ولا يمكننا العلم بها كما مرَّ في الفوائد، كما أن نفس أحكامهم أيضًا خفيت علينا كذلك، وانسدَّ طريق العلم، فالبناء على الظن في تمييز الأقسام” [الفوائد الحائرية، ص 490].

رسم لمدينة قم الإيرانية من مجموعة الرحالة الفرنسي جان شاردان في القرن الثامن عشر

ولاية الفقيه والدولة الصفوية
وقع التشيع في أزمة منذ بدء الغيبة الكبرى للمهدي، فلم يعد هناك مبرر للعمل السياسي طالما كان الحكم محصورا في سلالة الأئمة، وفي القرن الرابع عشر الميلادي حاول الفقيه الشيعي محمد بن جمال الدين الجزيني العاملي (من جبل عامل بلبنان) وضع حل لهذه المعضلة بابتكار نظرية ولاية الفقيه العامة، التي تعني قيام أحد الفقهاء المجتهدين الكبار بمهمة النيابة عن الإمام الغائب (المهدي) في قيادة الأمة وإقامة حكم اللّه على الأرض.

صفي الدين أردبيلي

تزامن مع طرح العاملي لنظرية ولاية الفقيه في لبنان صعود عائلة تركمانية صوفية تدعي الانتساب لآل البيت في شمال إيران، حيث يقال إن الشيخ صفي الدين أردبيلي (توفي عام 1334م)  كان يخفي تشيعه تقيّةً ويظهر للناس أنه سني شافعي حتى تمكن من استقطاب الإيرانيين حوله، حيث كانت الغالبية الساحقة من الإيرانيين تتبع المذهب الشافعي السني آنذاك.

وفي عام 1501م، سيطر إسماعيل حفيد صفي الدين على الحكم وأسس الدولة الصفوية، معلنا بصراحة قيام الدعوة الشيعية. وينقل عبد العزيز بن صالح المحمود الشافعي في كتابه “عودة الصفويين” عن مصادر شيعية أن إسماعيل كان مع أتباعه الصوفية في الصيد بمنطقة “تبريز”، فعبر نهرا لوحده ودخل كهفاً ثم خرج متقلداً بسيف وأخبر رفاقه أنه التقى داخل بالمهدي الغائب، وأن المهدي قال له “لقد حان وقت الخروج”، وأنه أمسك ظهره ورفعه ثلاث مرات ووضعه على الأرض، ثم شدّ حزامه بيده ووضع خنجراً في حزامه وقال له: “اذهب فقد رخصتك”.

وبهذه الأسطورة طبق إسماعيل نظرية ولاية الفقيه عمليا، كما أنه لم يكتف بادعاء نسبته إلى آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وبحصوله على إذن الإمام المهدي الغائب، بل ابتكر أسطورة جديدة تضفي عليه شرعية أخرى للحكم من خلال استحضار “حق الملك الإلهي” لسلالة الأكاسرة الفرس، حيث تقول الأسطورة إن عمر بن الخطاب -عند فتحه لبلاد فارس- سبى نساء الشاه يزدجرد، آخر ملوك الفرس، وجاء بهن إلى المدينة، فثار ضده علي بن أبي طالب وقام بتزويج شهربانو ابنة يزدجرد من ابنه الحسين، فجاء الأئمة من سلالة آل البيت ويزدجرد، ما يمنحهم بذلك “حق الملك الإلهي”، وذلك على شاكلة سبط يهوذا من بني إسرائيل الذي يدعي لنفسه هذا الحق حتى يومنا هذا. وقد دحض هذه الرواية عدد من علماء الشيعة أنفسهم، وعلى رأسهم مرتضى مطهري وعلي شريعتي.

يقول المفكر الإيراني الشيعي المعاصر علي شريعتي إن الدولة الصفوية قامت على مزيج من القومية الفارسية والمذهب الشيعي، حيث تولدت آنذاك تيارات تدعو لإحياء التراث الوطني والاعتزاز بالهوية الإيرانية، وتفضيل العجم على العرب، وإشاعة اليأس من الإسلام، وفصل الإيرانيين عن تيار النهضة الإسلامية المندفع، وتمجيد الأكاسرة. [التشيع العلوي والتشيع الصفوي لشريعتي، ص 119].

الشاه إسماعيل

وبما أن الأساطير وحدها لا تكفي بدون قوة، فقد حشد الشاه إسماعيل من حوله كتائب عسكرية تدعى “قزلباش” لتكون بمثابة الحرس الشخصي والقوة الضاربة، وجعلها تظن في نفسها أنها الجيش الممهد لظهور المهدي، حتى زعم كبار فقهاء الدولة، وعلى رأسهم العلامة المجلسي، أن الدولة الصفوية ستكون بالفعل مقدمة لخروج المهدي الوشيك.

وبهذه العقيدة انطلق جنود الشاه لمحاولة ابتلاع الأمة الإسلامية كلها، فبدأوا بتصفية قادة السنة في إيران والعراق، وارتكبوا مجازر في غاية البشاعة، حتى قيل إنهم قتلوا مليون مسلم، وكان إسماعيل يأمر بنبش قبور العلماء وحرق عظامهم وحرق كتب المسلمين السنة، وإذا قتل أميراً أباح زوجته وأمواله لأحد أتباعه، وكان الكثير من أتباعه يعتقدون أنه بلغ درجة الألوهية. [عنوان المجد للبغدادي، ص 120].

ولاستكمال مخططه الإمبراطوري، وضع الشاه إسماعيل تدمير الدولة العثمانية نصب عينيه، مع أن العثمانيين كانوا في أوج قوتهم وفي أخطر مراحل تصديهم للأوروبيين الذين كانوا يستأنفون غزواتهم الصليبية في مرحلة ما يسمى بعصر الاكتشافات الجغرافية، بينما كان العثمانيون يشنون هجمات مضادة ويتوغلون في شرق أوروبا.

احتل إسماعيل العراق وعقد تحالفات مع الدول الأوروبية ضد العثمانيين، ومع أنه كان يحاول إظهار الود للسلطان العثماني سليم ياوز الأول إلا أن الأخير لم يثق به، وسرعان ما بدأت المناوشات التي كشفت عن نواياه.

راسل إسماعيل البرتغاليين ووعدهم بالاعتراف بسلطتهم على جزيرة هرمز التي احتلوها عام 1507م، وهي منطقة استراتيجية لإشرافها على مضيق هرمز الفاصل بين الخليج العربي وخليج عُمان، وطلب إسماعيل منهم في المقابل مساعدته على غزو البحرين والقطيف وتعهدهم بمساندته ضد القوات العثمانية، كما تضمن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي بينهما لاحقا، بحيث يحتل الصفويون مصر والبرتغاليون فلسطين، وما زالت المراسلات المتبادلة بين الشاه إسماعيل وأفونسو دلبوكيرك نائب الملك البرتغالي على الهند محفوظة حتى اليوم.

وجد البرتغاليون في العرض الصفوي كنزا لا يقدر بثمن، فقد كانوا يخشون الجبهة الإسلامية القوية التي يمثلها العثمانيون والمماليك في البحر الأبيض المتتوسط، ويحاولون أن يجدوا موطئ قدم لهم في المنطقة، فأتاح لهم الصفويون فرصة البقاء في الخليج العربي، ثم أخذ إسماعيل يهدد باجتياح حلب ودمشق بينما كان دلبوكيرك يتسلل بأسطوله إلى البحر الأحمر لتخويف المماليك في مصر.

راسل إسماعيل أيضا بابا الفاتيكان ليو العاشر ليحظى بتأييد أوروبا المسيحية كلها، ونصح دلبوكيرك الملوك الأوروبيين بالتحالف مع إسماعيل وإرسال خبراء صناعة المدافع إليه لضرب المسلمين من الخلف، وهنا أدرك السلطان سليم أنه لا بد من مواجهة الصفويين، فاشتبك الجيشان في معركة  “جالديران” سنة 1514م التي انتصر فيها العثمانيون انتصاراً كبيراً، فبدأ دلبوكيرك بالتخلي عن إسماعيل الذي خسر معظم قوته.

ازداد حقد إسماعيل فقرر أن يبحث عن قوة أخرى تنتقم له من العثمانيين، وأغرى السلطان المملوكي الغوري بالخروج من مصر إلى حلب ليشهد صلحا بين إسماعيل والسلطان سليم، لكن المماليك فوجئوا هناك بأن الخطة كانت تهدف إلى توريطهم في الحرب، فاصطدموا مع العثمانيين بمعركة مرج دابق عام 1516، والتي انتصر فيها العثمانيون أيضا. ومع أن الدولة العثمانية تجاوزت كل هذه المحاولات إلا أن مؤامرات إسماعيل شغلت العثمانيين وأوقفت تقدمهم الذي كان قد بلغ وسط أوروبا.

انتهت دولة الصفويين سنة 1736م على يد نادر خان الذي عينه الشاه طهماسب الثاني قائداً لجيشه، فبعد تحقيقه عدة انتصارات ضد منافسي الدولة نصّب نادر خان نفسه ملكاً على إيران، وأعلن سقوط الدولة الصفوية وقيام الدولة الأفشارية الشيعية محلها، التي استمرت حتى القضاء عليها من قبل الزنديين سنة 1795م. وقد حاول نادر شاه إحداث تقارب بين السنة والشيعة، الأمر الذي أدى إلى قتله من قبل الشيعة المتعصبين.

من أهم النتائج التي خلَّفتها الدولة الصفوية انقسام العالم الإسلامي إلى معسكري السنة والشيعة، وتحويل إيران من دولة سنية إلى شيعية متعصبة، وإحياء النزعة القومية الفارسية، مع ربط التشيع الديني بالأهداف السياسية للحكومات الإيرانية المتعاقبة التي ما زالت قائمة حتى اليوم.

الخميني يعود من فرنسا إلى إيران في فبراير 1979 بعد 14 سنة من النفي والطيار الفرنسي يساعده على النزول

الثورة الإيرانية
في القرن العشرين، تولى الفقيه روح الله الخميني مهمة إحياء فكرة ولاية الفقيه، داعيا إلى إنشاء دولة شيعية جديدة تمهد لخروج المهدي وقيادة العالم. ومع أن الملك الإيراني الشاه محمد رضا بهلوي كان من أقوى حلفاء الغرب وإسرائيل، إلا أن الخميني المنفي في فرنسا كان قد عقد تحالفاته السرية هناك لينشئ نظاما دينيا يرفع شعارات معاداة الغرب، كما يقول العديد من المؤلفين ومنهم مؤلف كتاب “رهينة بقبضة الخميني” روبرت دريفوس.

يقول دريفوس في كتابه إن مشروع زعزعة استقرار حكم الشاه تمتد جذوره لقرن من الزمان قبل قيام الثورة الإسلامية الخمينية عام 1979م، حيث عملت المخابرات البريطانية على زرع بذورها عبر رجال الدين الشيعة والجمعيات السرية لتهيئة الأجواء وشحن الشعب بالتمرد، ثم جاء تقرير لمنظمة العفو الدولية في نوفمبر ١٩٧٦ ليكون “الطلقة الأولى” التي أشعلت نيران الثورة بعد ثلاث سنوات، فبدأ من ذلك الحين تسليط الضوء داخليا وخارجيا على انتهاكات حقوق الإنسان في نظام الشاه [ص 34، 39].

ويسرد المؤلف تفاصيل الاستنفار الذي قامت به منظمات المجتمع المدني الغربية لحشد الرأي العام ضد الشاه ونظامه، إلى جانب دعم منظمة فدائيي الإسلام (فدائيان إسلام) التي كانت قد انتقلت إلى العمل السري تحت قيادة آية الله خلخالي وآية الله الخميني، والتي كانت تدير نحو 200 ألف من الملالي المنتشرين في أنحاء إيران لتنفيذ خطة الانقلاب عبر التهييج الشعبي الديني [ص 40].

في يناير عام 1978، كان الرئيس الأميركي جيمي كارتر يحتضن الشاه ويمتدح إيران بأنها “جزيرة الاستقرار” في الشرق الأوسط المضطرب، بينما كان معاونوه قد بدؤوا بتدبير مؤامرة إسقاطه [رهينة بقبضة الخميني، ص 24]، ويقول مؤرخون إن الرجل الثاني في جهاز السافاك “منظمة المخابرات والأمن القومي” حسين فردوست كان هو المسؤول عن تدبير الانقلاب لصالح الخميني والملالي بإشارة من الغرب، وإن الخميني كافأ فردوست لاحقا بعد إسقاط الشاه بحل جهاز السافاك وتأسيس جهاز “السافاما” بدلا منه بقيادة فردوست نفسه.

ويرى دريفوس أن استحداث الحكم الإسلامي الشيعي في إيران من قبل الغرب كان بحجة التصدي للتمدد الشيوعي بالمنطقة، مستشهدا بتصريح رئيس مجلس الأمن القومي زبيغنو بريجينسكي (الذي كان القوة المحركة في إدارة كارتر) عندما قال لصحيفة نيويورك تايمز إنه يجب على واشنطن أن ترحب بانبعاث قوى الإسلام في الشرق الأوسط لأنها تعارض كعقيدة تلك القوى الكامنة في المنطقة الموالية للاتحاد السوفيتي [رهينة بقبضة الخميني، ص 25]، لكن باحثين آخرين يرون أن هذا الدعم كان بالأحرى لزرع بذور الفتنة الطائفية في المنطقة وإشعال فتيل الحرب التي سرعان ما اندلعت بين السنة والشيعة ومازالت تتوسع حتى اليوم.

أنصار الخميني في وسط طهران أثناء الثورة

أنصار الخميني في وسط طهران أثناء الثورة

تصدير الثورة
في كتاب تصدير الثورة الذي نشرته “مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني”، نجد مئات المقتطفات من خطب ورسائل الخميني التي يعتبر فيها أن تصدير الثورة سيكون بمثابة رسالة لدحر الطغيان وإسقاط عروش الجبابرة والانتصار للمظلومين، مع التركيز على أن رسالة الثورة هي رسالة الإسلام العالمية وتجنب الإشارة للبعد المذهبي الشيعي.

ففي إحدى رسائل الخميني الموقعة بتاريخ 28 أبريل 1986 يقول إن رسالته الأخيرة هي أن يعملوا على “إعداد الأرضية لظهور منقذ البشرية وخاتم الأوصياء ومفخرة الأولياء” [تصدير الثورة، ص 20].

وكما فعل الشاه إسماعيل، وضع الخميني -عقب سيطرته على إيران- عينه مباشرة على المملكة العربية السعودية بصفتها أرض الحرمين ومن أهم الدول السنّية، فحاول التمدد عبر بوابة الشرق حيث يتركز الوجود الشيعي في السعودية، وبدأ بدعم حركات الاحتجاج في مدينة القطيف عام 1981 ضد الحكومة السعودية.

ويقول مؤرخوه إن النظام الإيراني أنشأ منظمة شيعية سرية داخل إيران لنشر فكر الثورة في دول الخليج، وعهد إلى الشيخ حسن الصفّار بزعامتها الروحية، وأُطلق عليها اسم “منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية”، لتصبح لاحقا “منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية”، وفي عام 1987 تشكل جناح عسكري للمنظمة تحت اسم “حزب الله الحجاز”، ويشير باحثون إلى انفصال الجناح العسكري عن المنظمة ليصبح تابعا مباشرة للحرس الثوري الإيراني. [مقال “حزب الله” الخليج، لخالد المشوح]

ويقول مؤرخو تلك المرحلة إن غالبية السعوديين الشيعة الذين كانوا في قم آنذاك كانوا يؤيدون المدرسة الشيرازية التي ترى أن الحكومة الإسلامية الشيعية تدار من قبل تجمع من الفقهاء وليس الولي الفقيه الواحد، لكن الحرس الثوري أجبر العديد منهم على الالتحاق بالفكر الخميني، بينما اضطر آخرون للجوء إلى دمشق ودول أخرى. [دراسة حزب الله الحجاز “السعودي”، بوابة الحركات الإسلامية].

صورة من الإعلام السعودي لمظاهرات الإيرانيين بمكة عام 1987

وفي موسم الحج بأواخر يوليو 1987، بدأ الصدام الفعلي عندما قادت مجموعة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الحجاز المئات من الحجاج الإيرانيين والشيعة السعوديين للتظاهر في مكة المكرمة ودعوة المسلمين لمؤازرة ثورة الخميني، ما أسفر عن صدام دموي مع السلطات السعودية، ذهب ضحيته 402 قتيلا و649 جريحا، أكثر من نصفهم من الإيرانيين، كما تجددت المظاهرات في موسم الحج التالي وأسفرت عن سقوط ضحايا.

اتهمت السلطات السعودية “حزب الله الحجاز” بالمسؤولية عن أعمال “إرهابية” عدة، من أهمها تفجير شركة صدف البتروكيماوية في مدينة الجبيل عام 1988، وتفجير مبنى للحرس الوطني في الرياض عام 1995، وتفجير أبراج الخبر عام 1996 الذي أسفر عن مقتل 19 أميركيا بمدينة الخبر.

ويرى الباحث السعودي خالد المشوح أن “انكشاف مخططات إيران” دفع العديد من الناشطين الشيعة في الخليج للتراجع عن موالاتهم لنظام ولاية الفقيه، كما اضطروا للوقوف إلى جانب سلطات بلادهم أثناء حرب الخليج الثانية جراء اختلاط الكثير من الأوراق في المنطقة. وفي عام 1993 تم الاتفاق بين الحركة الإصلاحية الشيعية والحكومة السعودية على إنهاء النشاط السياسي في الخارج وقطع العلاقات مع طهران.

لكن هذه المصالحة لم تنه الأزمة، فما زال الشيعة في السعودية والخليج متهمون بإثارة القلاقل إبان اندلاع احتجاجات البحرين عام 2011، كما ظهر جليا الطموح الإيراني في تصدير “الثورة” عبر السيطرة غير المباشرة على العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003.

ويرى باحثون أن التقارب الإيراني الأميركي لم يكن وليد الصدفة، إذ صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق في عام 2004م بقوله “لولا إيران لما سقطت كابل وبغداد”، [نبيل البكيري، في عمق التقارب الأميركي الإيراني، الجزيرة نت، 19/10/2013].

وبعد تورط إيران في قمع الثورة السورية منذ عام 2011، أصبح من الشائع الاعتقاد بأن النظام الذي أقامه الخميني يمزج بين العقيدة الشيعية والقومية الفارسية، حيث يقول الباحث المتخصص في التشيع السياسي الدكتور عبدالله النفيسي -وهو الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بجامعة الكويت- إن إيران الآن دولة صفوية، وإن ساسة إيران “فرس أساسا وليسوا مسلمين، وليسوا حريصين على الإسلام، بل على هدم الإسلام بصيغته التي نفهمها”.

ويضيف أنه التقى كل القيادات التي تحكم إيران ورموز النظام فوجد أن خيطا واحدا يجمعهم هو احتقار العرب، وأن لديهم الآن فرصة تاريخية للثأر من العرب على اعتبار أن الفتح الإسلامي لبلاد فارس كان “غزوا” حطم إمبراطوريتهم.

وينقل النفيسي عن حسن روحاني -قبل أن يصبح رئيسا لإيران- أنه قال لأعضاء البرلمان الكويتي خلال زيارة رسمية لإيران “كل الساحل الغربي من الخليج سيعود إلى رحم بلاد فارس، وأنتم لا حق لكم كعرب فيه، وسنستولي عليه عندما تحين الفرصة”. [موقع بوابة الأهرام الرقمي، 19 يناير 2013].

ويؤكد هذا تصريح لقائد الحرس الثوري الإيراني السابق اللواء محمد علي جعفري خلال خطاب جماهيري بتاريخ 7 مايو 2015، حيث قال «عندما یتم الحدیث عن نمو الهلال الشیعي فإن ذلك بمثابة السیف الذي یتم غرسه في قلب إسرائیل… الهلال الشیعي یعني تضامن ووحدة المسلمین في دول المنطقة مثل إیران وسوریة والیمن والعراق ولبنان والدول الأخری في المنطقة التي تعتمد نهج المقاومة».

كما أكد في خطابه أن تشكيل الهلال الشيعي يدل على تحقيق أهداف الثورة الإسلامية عام 1979 [موقع قناة برس الإيرانية ووكالة تسنيم]. ويجدر بالذكر أن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني نفى في منتصف أغسطس 2015 سعي إيران لتشكيل “الهلال الشيعي” أثناء كلمة له في المؤتمر العالمي السادس لمجمع “أهل البيت” في طهران، وذلك بعدما أثارت تصريحات جعفري جدلًا واسعًا [روحاني ينفي تأكيد قائد الحرس الثوري حول “الهلال الشيعي”، العربية نت].


أهم المراجع

سعد بن عبد الله الأشعري القمّي، المقالات و الفِرق، تعليقات: محمد جواد مشكور، مركز انتشارات علمي، طهران، الطبعة الثانية 1360هـ.

محمد حسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها، تحقيق محمد جعفر شمس الدين، دار الأضواء، بيروت، 1993.

أبو جعفر القمّي الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1986.

محمد الحسيني الشيرازي، موسوعة الفقه، مؤسسة المجتبى، كربلاء، ط3، 2015.

محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، إحياء الكتب الإسلامية، طهران.

محمد بن حسين الشيرازي القمي، الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين، مطبعة الأمير، طهران.

مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني، http://www.arabic.irib.ir، بدون تاريخ.

روح الله الخميني، الحكومة الإسلامية، بدون ناشر، 1389هـ.

الوحيد البهبهاني، الفوائد الحائرية،مجمع الفكر الإسلامي، قم، 1995.

أبو جعفر الطوسي، الفهرست، مؤسسة نشر الفقاهة، قم، 1997.

عبد الرسول الغفاري، الكليني والكافي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1996.

محمد بن الحسن الحر العاملي، وسائل الشيعة إلى أصول الشريعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1983.

هاشم معروف الحسني، دراسات في الحديث والمحدثين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1978.

سليمان بن حمد العودة، عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام، دار طيبة، الرياض.

محمد أمحزون، تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، دار السلام، 2007.

علي شريعتي، التشيع العلوي والتشيع الصفوي، ترجمه حيدر مجيد، دار الأمير للثقافة والفنون، ط1، 2002.

علي محمد الصلابي، سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه: شخصيته وعصره، 2006.

روبرت دريفوس، رهينة بقبضة الخميني، ﺩﺍﺭ ﻧﻴﻮﺑﻨﺠﺎﻣين ﻓﺮﺍﻧكلين للنشر، 1980.

نبيل البكيري، في عمق التقارب الأميركي الإيراني، الجزيرة نت، 19/10/2013.

خالد المشوح، “حزب الله” الخليج.. تاريخ من المؤامرات باسم المقدّس والطائفة، مجلة المجلة، 15 نوفمبر 2011.

أحمد محمد سرحان، كتب الحديث والرواية عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية، موقع الألوكة، 2009.

حزب الله الحجاز “السعودي”، بوابة الحركات الإسلامية http://www.islamist-movements.com/2571، 12/مايو/2014.

Emmanuel Sivan and Menachem Friedman, Religious Radicalism and Politics in the Middle East, SUNY Press, 1990, p. 190

http://www.dorar.net/enc/firq

http://www.presstv.ir/Detail/2015/05/07/409890/Iran-IRGC-commander-Jafari-military-option