مقالات

البُرَيدة

هذه القصيدة فازت بالمركز الثالث في مسابقة “في حب الرسول”:

أَغْضَى حَيَاءً وَحَقٌّ فِعْلُهُ قَلَمِيْ

 

لَمَّا ذَكَرْتُ حَدِيْثَ البَانِ وَالعَلَمِ

فَقُمْتُ أَكْتُبُ دُوْنَ الحِبْرِ مُعْتَذِرًا

 

بِالدَّمْعِ بِالشَّوْقِ بِالتَّذْكَارِ وَالأَلَمِ

لَوْلَا الهَوَى لَمْ يَكُنْ صَمْتِيْ يُكَبِّلُنِيْ

 

وَرُبَّمَا كَلْمٍ يَطْغَى عَلَى كَلِمِ

يَا لَائِمِيْ خَلِّ ثَوْبَ اللَّوْمِ مُنْخَرِقًا

 

مَنْ يَطْعَمِ الحُبَّ لَا يَعْذِلْ وَلَا يَلُمِ

كَمْ لَامَ مِثْلُكَ مِثْلِيْ عَبْرَ أَزْمِنَةٍ؟!

 

إِنِّيْ أَلُوْمُكَ فِيْ لَوْمٍ وَفِيْ تُهَمِ

هَذَا الْفُؤَادُ لَعَمْرِيْ خَفْقُهُ شَغَفٌ

 

يَا حَادِيَ العِيْسِ قَدْ كِدْنَا فَلَا تَنَمِ

]مَوْلَايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمًا أَبَدًا

 

عَلَى حَبِيْبِكَ خَيْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ[

مَا جِئْتُ أَنْسُجُ شِعْرًا فِيْ فَضَائِلِهِ

 

لَكِنْ أُعَطِّرُ بِالإِسْمِ1 العَظِيْمِ فَمِيْ

مُحَمَّدٌ وَالنُّجُوْمُ الشُّمُّ تَعْرِفُهُ

 

وَالبَدْرُ أَشْهَرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمِ

فَجْرٌ أَزَاحَ عَنِ الأَفْلَاكِ ظُلْمَتَهَا

 

هَلْ يُنْكِرُ الفَجْرَ إِلَّا عَابِدُ الظُّلَمِ؟!

رُوْحِيْ فِدَاءٌ لَهُ وَالحُبُّ تَضْحِيَةٌ

 

وَالرُّوْحُ أرْخَصُ مِنْ مَجْدٍ لَهُ شَمَمِ2

فَهَاكَ مِنْ فَيْضِهِ غَيْضًا لِمُغْتَرِفٍ

 

وَهَاكَ مِنْ زَهْرِهِ قِطْفًا لِمُسْتَلِمِ

يَا صَاحِبَ الغَارِ حَدِّثْنَا بِلَا كَلَلٍ

 

مَنْ يَخْبُرُ المَرْءَ غَيْرُ الصَّاحِبِ الفَهِمِ؟!

عَنْ رِحْلَةٍ وَحَبِيْبُ اللهِ صَاحِبُهَا

 

مِنْ قِمَّةِ الغَارِ حَتَّى قِمَّةِ القِمَمِ

يَمْضِيْ حَثِيْثًا وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ تَعَبٍ

 

لِأُمَّةٍ شَأْنُهَا يَعْلُوْ عَلَى الأُمَمِ

نَفْسِيْ فِدَاءٌ لِمَا لَاقَاهُ مِنْ نَصَبٍ

 

بَلْ لَيْتَ عَيْنِيَ تَبْقَى النَّعْلَ لِلْقَدَمِ

يَقُوْلُ لَمَّا شَيَاطِيْنُ الوَرَى وَصَلَتْ

 

وَالقَلْبُ مُمْتَلِئٌ بِالصِّدْقِ وَالهِمَمِ

لَا تَحْزَنَنَّ أَبَا بَكْرٍ فَثَالِثُنَا

 

اللهُ يَا صَاحِبِيْ القَيُّوْمُ لَمْ يَنَمِ

يَا لَيْلَةَ الغَارِ مَا أَحْلَى تَسَامُرَهَا

 

يَا فَرْحَةَ الغَارِ بِالأَضْيَافِ فِيْ كَرَمِ

وَيَا لَهَا رَحْمَةً قَدْ حَازَ ذِرْوَتَهَا

 

لَمْ تُبْقِ لِلْوَصْفِ مِنْ حَلٍّ سِوَى السَّلَمِ3

يَمُوْتُ يَوْمَ يَمُوْتُ الطِّفْلُ فِيْ يَدِهِ

 

وَالعَيْنُ تَذْرِفُ دَمْعَ الرُّحْمِ وَالرَّحِمِ4

إِذَا صَبِيٌّ بَكَى فِيْ الصَّفِّ مُخْتَلِجًا

 

يَرِقُّ قَلْبُ إِمَامِ البَيْتِ وَالحَرَمِ

زَارَ السَّمَاءَ فَوَافَتْهُ مُرَحِّبَةً

 

حَيْثُ المَلَائِكُ فِيْ بِشْرٍ وَمُبْتَسَمِ

وَالأَنْبِيَا كُلُّهُمْ لِلْحِبِّ مُنْتَظِرٌ

 

يَمْضِيْ إِمَامًا فَلَا تَسْأَلْ عَنِ القُدُمِ

أَنْعِمْ بِهِ شَرَفًا مَا زَادَ صَاحِبَهُ

 

إِلَّا التَّوَاضُعَ وَهْوَ الرَّأْسُ فِيْ الشِّيَمِ

يَا سَيِّدًا وَحَصِيْرُ الأًرْضِ مَجْلِسُهُ

 

يَقُوْلُ نِعْمَ إِدَامُ الخَلِّ فِيْ الأُدُمِ

صَلَى عَلَيْكَ إِلَهُ الكَوْنِ مَا ذَرَفَتْ

 

عَيْنٌ تُحَرِّكُهَا أَنْوَارُ ذِيْ سَلَمِ

صَلَى عَلَيْكَ إِلَهُ الكَوْنِ مَا نَطَقَتْ

 

بِالمَدْحِ أَلْسِنَةٌ تَهْوَى هَوَا إِضَمِ

مِيْمِيَّةٌ كَمُلَتْ أَبْيَاتُهَا حَبْكًا5

 

تَرْجُوْ القَبُوْلَ لِمَا فِيْهَا مِنَ الحِكَمِ

 

وَإِنْ تَقَدَّمَهَا فِيْمَا مَضَى بُرَدٌ

 

فَهْيَ البُرَيْدَةُ يَا مُشْتَاقُ فَاسْتَلِمِ

___________________________

1 قُطِعت همزتها للضرورة

2 أي: الروح أرخص من مجدٍ شممٍ له ﷺ

3 السَّلَم: الاستسلام

4 الرُّحْم: الرحمة، والرَّحِم: القرابة، أي دمع الرحمة والقرابة، والصبيُّ كان ابنَ بنت لرسول الله ﷺ كما رواه البخاري.

5 “كملت أبياتها حبكًا” صورة بيانية، وكذلك الحاء والباء والكاف ثلاثون في حساب الجمل، وأبياتها ثلاثون بيتًا.

 

تُبايعُكَ القصائدُ

هذه القصيدة فازت بالمركز الثاني في مسابقة “في حب الرسول”:

فَدَتْكَ مَدَائِحُ الشُّعَرَاءِ قَبلي


 

فَكَيفَ قَصِيدَتي الصَّمّاءُ تُبلي؟

وأيُّ بَلاَغَةٍ أحتَاجُ حتّى

 

أصُوغَ بها عِبَارَةَ مُستَهَلِّي؟

سَكَبتُ الحِبرَ ألفَاظاً فُحُولاً

 

فمَن لي بالمَعَاني البِكْرِ؟ مَن لي؟

كَأنَّ لِسَانِيَ المَعقُودَ دَهراً

 

أمَامَكَ واجِفٌ مِن فِقهِ قَولِ!

وهَل سَتُحِيطُ قَافِيةٌ بمَن لَمْ

 

يَكن لَهُ في الخَلاَئِقِ أيّ مِثْلِ؟

مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ يَا مَن

 

عَليكَ الأرضُ خَاشِعَةً تُصَلّي

سَأترُكُ قَلبيَ الوَلهَانَ يَصبُو

 

إليكَ.. أنَا الّذِي أشقَى بعَقلِي

لَعَلّي بَاخِعٌ نَفسِي قَلِيلاً

 

علَى آثارِكَ الحُسنَى.. لَعَلِّي

فَإن وَفَّيتُ مَدحَكَ ذَاكَ
قَصدِي

 

وإن قَصَّرتُ ذَا جُهدُ المُقِلِّ

تُبايعُكَ القَصَائِدُ مُطْرِقَاتٍ

 

وَتخفِضُ إن رَأتكَ جَنَاحَ ذُلِّ

وَينتَسِبُ البَيَانُ إليكَ نَجلاً

 

وعينُكَ لم تَقِرَّ بأيّ نَجْلِ

مُحَمَّدُ يَا سَمَاءَ الحُبِّ فينا

 

عُرُوجًا في مَقَامَاتِ التَّجَلِّي

إليكَ كَتَائِبُ العُشَّاقِ تَمشي

 

وسُنّتُكَ الدَّليلُ لمُستَدِلِّ

وعَنكَ كَوَاكِبُ الإِشرَاقِ تُفشِي

 

لِبَابِ القُدسِ بالسِّرِّ الأَجَلِّ

وتَقبسُ مِن سَنَاكَ الشَّمسُ صُبحًا

 

وتَبرُقُ أنجمٌ في حُضنِ لَيلِ

ويَهمِي صَوبَ وَجهِكَ كُلُّ غَيْثٍ

 

ويَهفُو حَيثُ تَجلِسُ كُلُّ ظِلِّ

أَمِينٌ صَادِقٌ، سَمْحُ السَّجَايَا

 

عَطُوفُ القَلبِ، ذُو جُودٍ وَ عَدْلِ

شَذِيُّ العَرفِ، مُنفَرِجُ الثَّنَايَا

 

غَضِيضُ الطَّرفِ، زِينَةُ كُلِّ كُحْلِ

فُسُبحانَ الّذِي سَوَّاكَ حتّى

 

جَمَعتَ الحُسْنَ في طَبعٍ وَشَكلِ

كَسَرتَ بمَكَّةَ الأوثَانَ لَمَّا

 

أَنَرتَ الرُّوحَ في ظُلُمَاتِ جَهْلِ

وَ غَارُ حِرَاءَ مُتَّقِدٌ صَلاَةً

 

وجِبريلٌ عَلَيكَ الوَحْيَ يُملِي

هُنَا “اقرأ بِاسمِ رَبّكَ” وَابتِدَاءٌ

 

لِخيرِ رِسالةٍ وَخِتَامُ رُسْلِ

“كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ” لَم

 

تَشُبْهُ نَقِيصَةٌ في أيِّ فَصْلِ

إلَى عَينَيكَ حَجَّ النَّاسُ زُلفَى

 

فطُوبى لِلألَى حَجُّوا لوَصْلِ

وطَوْعَ يَدَيكَ فَاضَ المَاءُ شَوقًا

 

وحَنَّ إِلى حَدِيثِكَ جِذعُ نَخْلِ

وإنّي قد مدحتُكَ لا لمَجدٍ

 

ولاَ في البُردِةِ الغَرَّاءِ فَضْلي

ولَم أَسأَلْ سِوَى لُقيَا شَفِيعي

 

فحَقّقْ يَا بدِيعَ الكَونِ سُؤْلِي

دموع المآذن

هذه القصيدة فازت بالمركز الأول في مسابقة “في حب الرسول”:

ثَاوٍ على الطّورِ، زادي (الشَّرحُ والعَلَقُ)

 

أُرَتِّقُ الدَّمْعَ شِعْراً، ثُمَّ ينْفَتِقُ

هُناكَ حيثُ مَجَازاتِي مُسافِرَةٌ

 

وحيثُ يُشعلُني التَّذكَارُ والوَمَقُ

وقَفتُ في زَحمَةِ الزُّوّارِ مُنتَظِرَاً

 

كَعَاشِقٍ وَلِهٍ قد شفَّهُ الأَرَقُ

حَمَلْتُ كُلَّ انْكِساراتي على كَتِفي

 

وجِئْتُ نَحوَكَ، والأبْوابُ تَنغَلِقُ

فمُدَّ لي يا مَلَاذَ المُتْعَبينَ يَدَاً

 

خُذنِي إليكَ فإِنَّ الأرضَ تَنطَبِقُ

أَغْفَتْ عُيوْنُ قُرَيشٍ جَفنَ ليلَتِها

 

وَأطْفَأَتْ مَكَّةُ القِنْدِيلَ، وافْتَرَقُوا

وباتَ فِي بَيْتِ عبدِ اللّهِ كَوْكَبَةٌ

 

مِنَ الملائكِ والأنوارُ تَنبثِقُ

وَتَنْزَويْ في يَمِينِ الدّارِ (آمِنَةٌ)

 

وَوَجْهُها مِثْلُ وَجْهِ الصُّبْحِ يَنْفَلِقُ

(وشَيْبَةُ الحَمْدِ) قُرْبَ البابِ مُتَّكِئٌ

 

على عَصَاهُ؛ وَسَحَّتْ دَمْعَها الحَدَقُ

جاءَ البشيرُ الذي ازدَانَتْ بمَوْلِدِهِ

 

هذي الرُّبى وزها بالسُّندُسِ الأُفُقُ

طِفلٌ أطَلَّ على الدُّنيا وقد ذَبُلَت

 

فأَينَعَت هذهِ الأرجاءُ والطُّرُقُ

أحيا الوجُودَ بأَمرِ اللّهِ مَولدُهُ

 

وكانَ مِن قبلُ مَيتَاً ما بِهِ رمَقُ

ضَجَّتْ ديارُ بني سَعدٍ وقد وفَدَتْ

 

بهِ حليمةُ خَيرَاً، وانحنى الوَدَقُ

نادى ( بُحَيْرَى) برَكْبٍ فيهِ طالِعُهُ

 

يا أهْلَ مكَّةَ هذا خَيرُ مَنْ خُلِقُوا

أَبٌ لكُلِّ اليتامَى وَهْوَ دُوْنَ أَبٍ

 

هُدًى لِكُلِّ الحَيَارَى وَجههُ الأَلِقُ

إليهِ تنتَسبُ الأخلاقُ أجمعُها

 

عَذبُ الشّمائِلِ، سَهلٌ ما بِهِ نَزَقُ

سَمحُ اليَمِينِ، كَريمٌ ما ثنى يَدَهُ


 

باهِي المُحيَّا فَنِعمَ الخلقُ والخُلُقُ

إذا تكَلّمَ أَصْغَتْ حولَهُ أُمَمٌ

 

وإنْ تبَسّمَ ضاءَ اللّيْلُ والغسَقُ

عَيْناهُ مِئذَنَتا ضَوْءٍ وَدَمْعُهما

 

حَمائِمٌ في سَوادِ اللّيلِ تَنْعتِقُ

تضَوَّعَتْ بشَذَاهُ الأرضُ قاطِبَةً

 

أنّى توَجَّهَ ضاعَ المِسْكُ والعَبَقُ

ما بَيْنَ مِنْبَرهِ الباكي ومَرْقدِهِ

 

ها قد وقَفْتُ وخَلْفي كُلُّ مَنْ صَدَقُوا

يا سيّدي يا رسولَ اللّهِ قد طَفَحَتْ

 

شُجُونُنا، وتلَظَّتْ هذهِ الوَرَقُ

يا ابْنَ الذَّبِيْحَيْنِ قلبي بعضُ قافيةٍ

 

بِرِيشَةِ الدَّمْعِ أتْلُوها فأخْتَنِقُ

“ما كُنْتَ بِدْعَاً مِنَ الرُّسْلِ” الّذينَ خَلَوا

 

ولا أنا شَاعِرٌ بِدْعٌ، فَكَمْ سَبَقوا

فَمُنذُ أَن قالَ (كَعبٌ) فِيْكَ بُردَتَهُ

 

ونحنُ نَنْسُجُها زُلْفى فتَنْخَرِقُ

ماذا نقولُ؟! وفينا ألفُ مُبكِيَةٍ

 

وأُمّةٌ في جَحيمِ الذُّلِّ تحترِقُ

أَمْشي إليكَ كَفِيفَ الخَطْوِ مِن (سَبَأٍ)

 

تلك البلادِ التي قد هدَّها القَلَقُ

مَعَيْ ارتِعاشُ يَدَيْ أُمّي ودَمْعَتُها

 

وقلبُها وهو بالأحزانِ يَصْطَفِقُ

وَبِي نَخِيلُ مَجَازٍ مَدَّ لِي سَعَفَاً

 

مَدَدتُّ رُوحي بِهِ ظِلَّاً لِمَنْ عَشِقُوا