مقالات

باربي: غرسة خبيثة في نفوسٍ طيبة

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، من غزوةِ تبوكٍ – أو خيبر – وفي سهوتِها سترٌ، فهَبَّتْ ريحٌ فكَشَفَتْ ناحيةَ السِّتْرِ عن بناتٍ أي -لُعَب- لعائشةَ فقال: ما هذا يا عائشةُ؟ قالت: بناتي! ورأى بينَهُنَّ فرسًا له جَناحانٍ مِن رِقاعٍ، فقال: ما هذا الذي أرى وَسَطَهُنَّ؟ قالت: فَرَسٌ. قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جَناحان. قال: فرسٌ له جَناحانِ؟ قالت: أما سَمِعْتَ أنّ لسليمانَ خيلًا لها أجنحةً؟ قالت: فضَحِكَ حتى رَأَيْتُ نواجذَه.[رواه أبو داود في السنن] لنُعِد قراءة الحديث ونحن نتخيل أن الرسول الكريم رأى عند السيدة عائشة باربي بدل عرائسها، تُرى كيف كان سيتغير الموقف؟ هل كان ليضحك؟ أم أن وجهه كان سيحمر غضباً وهو يشيح عنها عليه الصلاة والسلام؟

في اجتماعٍ لي مع صديقاتي لاحظت أن الفتيات يقضين وقتهنّ في تزيين لعب باربي والتنافس على إلباسهنّ أجمل الثياب الصغيرة، وفي طريقي إلى المنزل دارت أسئلةٌ كثيرةٌ في نفسي: ما مقدار قسوة القلب التي تسربت إلى قلوب فتياتنا بسبب التنافس على من يلبس قطعة البلاستيك هذه لتبدو بقشرة ظاهريّة أجمل؟ ما الأفكار التي تدور في رؤوس بناتنا وهنّ يلعبن بها؟ ماذا لو كانت باربي الصغيرة أكثر من مجرد لعبة؟ كيف يمكن للمربّين أن يحموا بناتهم من عواقبها؟ وما الذي يقوله الوحي والعلم الموثوق عن هذا النوع من الدمى؟

باربي أرقام ومخاطر!

في هذا العالم المتسارع، يصعب على المربين أن يتوقفوا ويتفكّروا في لعبة مثل باربي، تماماً كالسمكة إن سألتها كيف حال الماء اليوم؟ سترد مستغربه: أي ماء[1]؟ ولذا نحتاج لبذل الجهد في الغوص في أصول هذه اللعبة، فباربي لم تكن دوماً لعبة أطفال، إنما بدأت كنسخةٍ عن دميةٍ ألمانيةٍ تسمى (ليلي) كانت تباع للرجال البالغين في محلات الدخان والخمارات، وفي عام ١٩٥٠سافرت روث هاندلر -واحدة من  مؤسسي شركة ماتيل الأمريكية المصنعة للألعاب- إلى أوربا واشترت مجموعة من هذه اللعب، ورأت أنها مكونٌ ضروري الوجود بين دمى الفتيات اللواتي يحلمن دوماً باليوم الذي سيكبرن فيه على حد قول روث!

في مقابلةٍ لزوج روث هاندلر قال: “عندما طُرِحت فكرة خروج باربي إلى الأسواق، لم أعتقد أن أحداً سيشتريها لطفلته الصغيرة”، إلا أنه في التاسع من آذار عام ١٩٥٨ بيع 300 ألف دمية من النسخة الأولى[2]، أما في الولايات المتحدة فقد بيع في كل دقيقة ما يقارب 100 دمية منها، أي بمعدل ٥٨ مليون لعبة بالسنة [3]، وبحسب موقع Statistic فأرباح هذه الشركة بلغت  1.35 بليون دولار بين عامي ٢٠١٢ و ٢٠٢٠.[4]

باربي

إن من المشاكل المرتبطة باللعب بهذه اللعبة انخفاض تقدير النفس -الثقة بالنفس- وعدم الرضا عن شكل الجسم، وفي أيلول عام  2016 نشرت مجلة  (body image) دراسة أجريت على١١١٢  فتاة تتراوح أعمارهنّ بين السابعة والثامنة، وكان مفادها أن البنات اللاتي  لعبن بباربي أبدين استياءً من أشكال أجسادهنّ مقارنة بالفتيات اللواتي لعبن بلُعب أشكال أجسامهنّ أكثر واقعية منها[5]. وكذلك نشر موقع Pubmed دراسة أجريت على فتيات بين عمري الخامسة والثامنة تم تعريضهنّ إما لصور باربي أو لصور لعب ذات ملامح واقعية، فكان تقدير الفتيات اللواتي تعرضن لصور باربي لأنفسهن منخفضاً مقارنة بالأخريات اللواتي لم يتعرّضن لها، كما أن المجموعة الأولى كانت غير راضية عن صورة جسدها وتملك رغبة أكبر بفقدان الوزن.[6] فالقلق الذي تتعرض له هؤلاء الفتيات بسبب خوفهن من زيادة الوزن لا يسببه مجرّد التعرض لأجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والتقاليد والأعراف التي تركز على شكل الفتاة، بل أيضاً نوع الدمى التي يلعبن بها.

إضافةً لما سبق، فمن المحتمل أن اللعب بباربي قد يسبب عدداً من اضطرابات تناول الطعام، ففي نفس الدراسة التي نشرت في مجلة Body Image قالت الدكتورة كاثلين كلير المتخصصة في علم التغذية في جامعة بنسلفانيا أن البنات في الدراسة كن يرغبنّ في الحصول على أجسام تشبه اللعب التي يلعب بها، وأنّ التعارض بين جسدهنّ والشكل الذي يردن أن يكنّ عليه قد يكون سبباً في اضطرابات تناول الطعام في المستقبل[7].

وأقرت مستشفى جولسينو للأطفال أن ٩٠٪ من اضطرابات الطعام والأمراض تأتي للإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين الخامسة عشر والعشرين[8]، كما نشرت مجلة نيويورك تايمز دراسة مفادها أن 42% من الفتيات بين الصف الأول والثالث يتمنين لو كنّ أكثر نحولة، بينما نصف الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن  بين التاسعة والعاشرة يشعرن أنهن أفضل أثناء خضوعهنّ لحمية خاصة لإنقاص الوزن[9].

ورغم أننا لا نستطيع أن نقول أن باربي هي السبب الأساسي لهذه الظاهرة لكن لها دوراً كبيراً في إشاعتها بكل تأكيد، تحديداً حين نعلم أن هناك إصداراً من باربي يأتي مع كتاب صغير بعنوان “كيف تنقصين وزنك؟” ويحتوي جملة “لا تأكلي” فقط[10].

باربي ونزعة الاستهلاك

أما آخر المشاكل التي أريد أن ألقي الضوء عليها فهي قضية الاستهلاك المتمثّل بكثرة الشراء لتلبية متطلبات باربي، فقد كتب المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في كتابه ‫الثقافة والمنهج أن “باربي، اللعبة البلاستيكية ذات الصفات الجسدية الجنسية الجذابة، ليست فقط لعبة، بل هي مؤامرة ضد أطفال العالم بهدف أن يكونوا مستهلكين منزوعي البراءة و عديمي الهوية”[11]، ولقد سمعته مرة في محاضرة مسجّلة يقول إنه قرأ دراسة مفادها أنه لو جمعنا عدد أحذية باربي التي قام الأطفال بشرائها فإنها ستلف  الكرة الأرض خمس مرات! وتأكيداً لكلام الدكتور المسيري فإن شركة ماتيل للألعاب أعلنت أن ٩٠٪ من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين ٣-١٠ يملكن بمعدل ١٢ لعبة باربي[12]، هذا بصرف النظر عن دمى باربي التي يمتلكها الصبيان، فحديثاً وسّعت شركة ماتيل سوقها ليشمل الجنسين.

وفي هذه الأيام بات لدينا باربي ببيت أحلام ذي صفات خيالية كأنها تعطي الفتيات فكرة أنكنّ إذا أردتنّ أن تعتنوا بذواتكنّ فاشتروا المزيد والمزيد فقط، وكونوا عبيداً للمادة والأشياء والمزيد من منتجات البلاستيك، ولنقارن هذه النماذج بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ قال: نام رسول الله ﷺ على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاءً؟ فقال: ما لي وللدنيا؟، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها [أخرجه الترمذي في السنن وقال: حسن صحيح]. فالزمن الذي سنقضيه في هذه الدنيا مقارنة بالآخرة كمسافر استظل تحت شجرة، لكننا وكما يقول الدكتور عبد الرحمن ذاكر سكنا الشجرة، لقد نسينا أن الدنيا ممرٌ وليست بمستقر، ولنذكر هنا قول الألبيري رحمه الله لابنه: “لم تخلق لتعمرها ولكن لتعبرها فجد لما خُلِقتَ”[الألبيري، القصيدة التائية، البيت رقم٥٢]

ماذا علينا أن نفعل؟

بعد هذا العرض للمشاكل التي تسببها باربي، فالسؤال المهم ما الذي يمكننا فعله؟  في البداية دعونا ندعو الله أن يرزقنا السداد في تربيتنا لأنفسنا وأولادنا، ويمنحنا القوة في الحق والثبات عليه. وبعد هذا فإن أول ما يمكن فعله هو أن نرمي هذه القطعة البلاستيكية في قمامة إعادة التدوير، -مع التنبيه على ألا نتبرع بها لأحد فنتسبب له بما نخشى على بناتنا منه-، ورغم أن الخطوة تبدو صعبةً ومؤلمة، إلا أنني أقول مما رأيت وخبرت أن بناتنا أقوى مما نتصوّر وأكثر مناعةً نفسياً مما نظن، تحديداً ونحن نتحدث عن أطفال مرنين سنشرح لهم الأسباب وسنقوم بتلك الخطوة في إطار المحبة والإرشاد والعطف، وقد علمت أن اثنتين من صديقاتي قامتا بتلك الخطوة بسلاسة أكبر مما توقعتا.

من المفيد كذلك أن ننتبه لئلا نكون مدخلات سالبة لبناتنا، فنظرة عيوننا وملامح وجوهنا وكلماتنا كلها مدخلات متكررة لأولادنا، ونظرات الإعجاب والتقدير التي نعطيها لجميلات الشكل تُقرأ من قبل أولادنا وإن لم نقل أي كلمة، وكذلك تسخيرنا الأوقات الطويلة للعناية بشكلنا الخارجي وتمركز الكثير من أحاديثنا مع العائلة والأصدقاء حول اللباس ومساحيق التجميل والموضة والجمال. كل ذلك يعطي رسائل لأبنائنا مفادها أن أشكالنا وتقييمها مركزية الأهمية، مما يقف عائقاً عن فهم أن الشكل فتنة وامتحان لصاحبها -شكر أم تكبر- وللآخرين حسدوا أم رضوا-، واستحضار معاني الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلی صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [رواه مسلم].

وهذا بالطبع لا يعني الامتناع عن الثناء على أشكال أولادنا، إلا أن التوسط هو المطلوب، فلنثن على جهود الأبناء وإنجازاتهم، ولندعهم يكتشفوا بأنفسهم أنهم أغلى من المظهر الخارجي بأن نملأ جدولهم اليومي بأعمال مفيدة كالسباحة، وتعلم المهن المنتجة كالخياطة، وأعمال الصوف، والخروج في مخيمات الطبيعة لكسر رتابة العادة، وأن يتعلموا أن يكونوا نظيفين ومرتبي الشكل دائما، إلى جانب تنمية التطوع لديهم كالعمل في المزارع، وحضور الدورات التعليمية، والفروسية،…الخ وبذلك نوسع أفق اهتماماتهم ولا نتركهم فريسة للفراغ.

تقول warhaft-Nadler المستشارة الرياضية والنفسية متحدثةً عن نفسها: عندما كنت أعاني من فقدان الشهية العصبي كنت أقول لنفسي: أنا لست ذكية كفاية ولا مرحة كفاية ولا أفعل أي شيء مميز وكافٍ ولست جميلة كما يجب، لذلك قررت أنه من الممكن أن أكون نحيلة كما ينبغي[13].

من المفيد أيضاً أن نحيط بناتنا بصحبة صالحة سعيدة ذات تصور صحي معتدل مدرك لحقيقة الإنسان المكون من جسد وروح، وكذلك القراءة الفردية أو الجماعية في كتب تعطي الشكل الخارجي مكانه الصحيح، ولله الحمد أن السنة النبوية مليئة بهذه النماذج، كقصة الرسول الكريم عندما أوقف الصحابة عليهم رضوان الله عن الضحك على ساقي ابن مسعود النحيلتين رضي الله عنه موجّهاً تفكيرهم لما هو أكثر أهمية، حيث أشار إلى أن هاتين الساقين أثقل من جبل أحد في ميزان الله، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مم تضحكون؟  قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد ) [أخرجه أحمد]. فتوجيه أولادنا لأن الميزان المهم هو عند الله وليس في أعين الناس وتعليق قلوبهم بذلك أساسيّ ومهم.

إضافةً لما مضى، نحتاج لتدريب أبنائنا على أن يفكروا بشكلٍ ناقدٍ بما يشترون ليلاحظوا أن شركات الألعاب لا تكترث مراحلهم العمرية وما يلزمهم في كل سن، فنقول لهم على سبيل المثال: لا تتخيلوا أن صانعي الألعاب وبائعيها يهتمون بنموكم النفسي، ما يهمهم هو أن تمتلئ جيوبهم بالمال، وإن كان على حساب صحتكم النفسية ونموكم العاطفي. ونعلمهم قول سيدنا عمر )أو كلما اشتهيت اشتريت)، كما أن هناك أيضاً برامج وكتب تتحدث عن الرأسمالية والمادية توضح للأطفال الخداع الموجود في الإعلانات بأساليب مبسطة.

وهنا ينبغي أن أنوه إلى أنه من المهم جداً حظر الإعلانات عن كل الأجهزة الإلكترونية لأنها تخلق لدى الكبار والصغار رغبات لم يفكروا فيها من قبل وتشعرهم مع التكرار أنها حاجات وضرورات، وأخيراً أدعو القراء ونفسي إلى التقليل من زيارات الأسواق وتذكّر أنها أبغض البلاد إلى الله.

في الختام وبعد إلقاء الضوء على التأثيرات السالبة لهذه الدمية، أرى أن نعمم ما مر في هذا المقال على كل منتجات الأميرات وأفلام ديزني وكل ماله أن يؤثر سلبياً على تقدير بناتنا لنفوسهنّ وصورتهن الذاتية، قال ابن القيم رحمه الله في كتابه تحفة المولود: “وكم ممن أشقى ولده وفَلَذَةِ كَبِدِهِ في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانتِه له على شهواته، ويزعم أنه يكرِمه وقد أهانه، وأنَّه يرحمه وقد ظلمه وحرَمَه، ففاته انتفاعُه بولده، وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرْتَ الفساد في الأولاد، رأيتَ عامَّته من قِبَل الآباء [14]“لنبدأ كمربين بأنفسنا بأن نعرفها ونقدرها ونعلم أننا أعظم من مجرد قشرة خارجية.

وفي طريق العودة إلى المنزل كانت آية من سورة التكوير تتردد في قلبي {وإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ} [التكوير:٨] فسألت نفسي هل نحن ندفن بناتنا بحسن نية؟ هل نحيطهنّ بمدخلات من ألعاب وقصص ومسلسلات وأغاني تركز على قشرتهنّ الخارجية فندفن بذلك أرواحهن الطيبة ومواهبهنّ وقدراتهنّ؟

 أخافتني هذه التساؤلات ولذلك قمت بكتابة هذه المقالة سائلةً ربنا الكريم أن تكون غرسة طيبة في نفوس طيبة.


المصادر:

  1. Age Differences in Body Size Stereotyping in a Sample of Preschool Girls. (n.d.). Taylor & Francis. Retrieved June 12, 2021, from https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/10640266.2014.964610
  2. Anorexia Nervosa – Child and Adolescent Eating Disorder Program – Adolescent Medicine – Golisano Children’s Hospital – University of Rochester Medical Center. (n.d.). Golisano Children’s Hospital. Retrieved June 12, 2021, from https://www.urmc.rochester.edu/childrens-hospital/adolescent/eating-disorders/teens/anorexia-nervosa.aspx
  3. Barbie’s Secret Sister Was a Sexy German Novelty Doll. (n.d.). HISTORY. Retrieved June 12, 2021, from https://www.history.com/news/barbie-inspiration-bild-lilli
  4. Collins, E. M. (1991, March 1). Body figure perceptions and preferences among preadolescent children. Wiley Online Library. https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1002/1098-108X(199103)10:2%3C199::AID-EAT2260100209%3E3.0.CO;2-D
  5. Dying to be Barbie | Eating Disorders in Pursuit of the Impossible. (n.d.). Com. from https://www.rehabs.com/explore/dying-to-be-barbie/
  6. Elisabeth Eaves. (n.d.). Why Does The Barbie Obsession Live On? Https://Www.Forbes.Com/2009/01/29/Barbie-Handler-Doll-Opinions-Columnists_0130_elisabeth_eaves.Html?Sh=22e6a21216bc.
  7. Hains, R. (2014). The Princess Problem: Guiding Our Girls through the Princess-Obsessed Years.
  8. Hanes, S. (2011, September 24). Little girls or little women? The Disney princess effect. The Christian Science Monitor. https://www.csmonitor.com/USA/Society/2011/0924/Little-girls-or-little-women-The-Disney-princess-effect
  9. Holland,Brynn,2006 .Barbie Through the Ages, https://www.history.com/news/barbie-through-the-ages .
  10. Jellinek, Myers, Keller. (September 2016).The impact of doll style of dress and familiarity on body dissatisfaction in 6- to 8-year-old girls. https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S174014451630208X
  11. Orenstein, P. (2011). Cinderella Ate My daughter: Dispatches from the Front Lines of the New Girlie-Girl Culture (1ST ed.). Harper.
  12. (2021, March 5). Revenue of Mattel’s Barbie brand worldwide from 2012 to 2020. https://www.statista.com/statistics/370361/gross-sales-of-mattel-s-barbie-brand/
  13. Dittmar,Halliwel,Ive, (2006,April).Does Barbie Make Girls Want to Be Thin? The Effect of Experimental Exposure to Images of Dolls on the Body Image of 5- to 8-Year-Old Girls. https://www.researchgate.net/publication/7210496_Does_Barbie_Make_Girls_Want_to_Be_Thin_The_Effect_of_Experimental_Exposure_to_Images_of_Dolls_on_the_Body_Image_of_5-_to_8-Year-Old_Girls
  14. Al-Masieri,2008, Culture and the approach.
  15. الشمس الدين محمد بن قيم الجوزية – تحفة المولود- دمشق – دار البيان -١٩٧١- الصفحه ٣٥١.
  16. 16. الألبيري، إبراهيم، القصيدة التائية. “تفت فؤادك الأيام فتا” .صيد الفوائد. http://www.saaid.net/wahat/q7.htm

[1]( Orenstein,2011)

[2] (Forbes,2009)

[3] (Holland،2006)

[4] (Statista،2021)

[5] (Jellinek, Myers, Keller،2016)

[6] (Dittmar 1,Halliwell,ive,2006)

[7] (Jellinek, Myers, Keller،2016)

[8] (Anorexia Nervosa,Golisano children hospital).

[9] (Kelley ،2004)

[10] (dying to be barbie)

[11] (المسيري،٢٠٠٩)

[12](Barbi fast fact,2009,2019)

[13] ( Hains،٢٠١٤)

[14]  (​​ابن القيم،١٩٧١)

ماذا يكشف حدث  السوبر بول في الولايات المتحدة من نمط الحياة الأمريكية؟

تُقام في الأحد الأول من كل شهر فبراير في الولايات المتحدة الأمريكية لعبة السوبر بول Super Bowl، وهي مباراة البطولة في دوري كرة القدم الأمريكية الوطني (NFL).

 المباراة التي صادفت الأحد الفائت يحضرها عادةً ما يزيد على 100 مليون متابع أمريكي[1] وبذلك تعتبر الحدث التلفزيوني الأكثر مشاهدةً في البلاد لا لمجرد شعبية اللعبة، لكن أيضاً انتظاراً للعرض “الترفيهي” الذي يقام في منتصفها، وللإعلانات التي تظهر في أوقات الاستراحات والتي تكون الأعلى ثمناً وتكلفةً وفعاليةً في العام.

ولأنّ لهذا الحدث أهمية خاصة وشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، وجدت أن أخصص هذا المقال للتعريف ببعض الإحصاءات والظواهر المتعلقة به وما تعنيه وتبرزه للناظر عن نمط الحياة الأمريكي والغربي بشكل عام.

استهلاك مرضي
ترتبط متابعة المباراة النهائية عند الأمريكيين بالاجتماع مع الأصدقاء وتناول كم كبير من الأطعمة والخمور أثناء متابعة المباراة وتشجيع أحد الفريقين، وقد أُجريت الكثير من الإحصاءات لرصد استهلاك الأغذية في هذا الحدث، وظهر من خلالها وجود ارتفاعٍ حادٍ في استهلاك الأطعمة الجاهزة غير الصحية (junk foods) في هذا الأحد الخاصّ، حيث يتم تناول ما يزيد على 1.4 بليون قطعة من جوانح الدجاج المقلية، وقرابة 11 مليون باوند من رقائق البطاطا، و325 مليون غالون من خمر البيرة في ليلة المباراة وحدها.

السوبر بول والاستهلاك المرافق له

في هذا الصدد قالت شركة دومينوز إنها تبيع ما يزيد على 21 مليون قطعة بيتزا في ليلة المباراة، كما وجدت الإحصاءات أن استهلاك البرغر وصل إلى 14 بليون قطعة، واستهلاك معجنات البرتزل وصل إلى 4 مليون باوند من المطاعم والأسواق التجارية المختلفة في تلك الليلة فقط[2].

والعجيب في هذا ليس مجرد ارتباط الأطعمة غير الصحية ثقافياً بمتابعة المباراة، وإنما الاستهلاك المفرط لها أثناء المشاهدة، والآثار المرضية المعروفة لهذا الاستهلاك على جسد الفرد وحياته وعلى بيئة الكوكب كذلك، ومن ثمَّ تجاهل هذا الأثر بشكل متكرر كلّ عام بحجة أنه يومٌ واحدٌ في السنة وأن ذلك لن يضر.

 فازدياد مبيعات أدوية الحرقة المعدية التي تصل إلى 20% في اليوم التالي للعبة تظهر جزءاً من آثار هذا الاستهلاك المفرط المباشرة[3]، وكذلك جراء ارتفاع استهلاك الطعام -ذي المصدر الحيواني تحديداً- الزائد عن الحاجة في البلاد أحد الأسباب الرئيسية لكونها في المرتبة الثانية عالمياً في إصدارات غاز ثنائي أوكسيد الكربون.[4]

من اللافت أن هذا الاستهلاك على كثرته يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأيام الأكثر شَرَهَاً في البلاد بعد عيد الشكر -الذي يصل استهلاك الديك الرومي فيه إلى 3 باوند لكل أمريكي!-، أما من حيث استهلاك الخمر في هذه الليلة فإنه يأتي في المرتبة الثانية بعد ليلة رأس السنة، ثم عيد القديس باتريك، في الرابع من يوليو، ثم الهالوين وخمس أعياد وطنية أخرى.[5]

ولا شك أن آثار شعبية الأطعمة غير الصحية وفرط تناولها لدى الفرد الأمريكي بشكل عام واضحةٌ جلية في مؤشرات الصحة الوطنية وإحصاءات الإصابة بالأمراض المزمنة وارتفاعها منذ التسعينات وحتى الآن، إذ إن كل اثنين من ثلاث أمريكيين اليوم يعانون من البدانة أو زيادة الوزن، في ازدياد لمعدل البدانة في البلاد من 30% عام 2000 إلى 42% عام 2018. إضافة إلى ذلك فإن واحداً من كل 10 أمريكيين بالغين كان مصاباً بسكري النوع الثاني في 2020، إضافة إلى هذه الإحصاءات فإن أمراض القلب، والسكتات الدماغية، وكثير من أنواع السرطانات، وغيرها من الأمراض المرتبطة بنمط الحياة غير الصحي تشهد تزايداً مستمراً مع الوقت. [6]

على العمل وفي الشارع
وجدَتْ دراسة نشرت في مطلع العام الحالي أن 16 مليون أمريكي قد يتغيبون عن عملهم يوم الاثنين التالي لمباراة السوبر بول Super Bowl، بينما 10 مليون آخرين ينوون التأخر بضع ساعات عن دوامهم في ذاك اليوم، ورغم عدم وضوح أسباب ذلك تماماً، فقد رجح الخبراء ارتباطها بالتعب المرافق لتناول كميات كبيرة من الطعام والخمور أثناء متابعة المباراة، إضافة إلى السَّهَر مع الأصدقاء وإقامة الحفلات في تلك الليلة.[7]

من ناحية أخرى فإن التجمّع للاحتفال باللعبة وما يرافق ذلك من شرب للخمر يُنتِج ظاهرة ارتفاع نسبة القيادة تحت تأثير الخمر إلى قرابة 22% مقارنة بالأوقات الأخرى خارج ليلة المباراة.

وقد وجدت إحصائية مخيفة أن نسبة حوادث السيارات في الساعات الأربعة التالية للمباراة ترتفع 40% للحوادث القاتلة، و46% للحوادث غير القاتلة، وتكون النسب أكثر ارتفاعاً في ولاية الفريق الخاسر. ورأى الفريق الذي نشر الدراسة أن هذا الارتفاع متعلق بشرب الخمور أثناء المتابعة، الغضب أو الفرح الشديدين لنتيجة اللعبة، والتعب الذهني والبدني بعد متابعة اللعبة الطويلة. وتطلق شرطة المرور في شتى المقاطعات تحذيرات سنوية بخصوص القيادة تحت تأثير الكحول في ليلة المباراة، وقد كانت حملتها هذه السنة بعنوان “Fans don’t let fans drive drunk”.[8]

وماذا يعنيني؟
لعلَّ القارئ بعد كل هذه الحقائق والأرقام المهولة يسأل عن السبب الذي نسوقها لأجله، ويرى أنه في قارّة بعيدة عن كل هؤلاء وممارساتهم فلا يعنيه عنهم شيء، وهذا صحيحٌ فعلاً لولا العولمة المفترسة التي يشهدها عالم اليوم، حيث غزت الثقافة الغربية ونمط الحياة الأمريكية كل بيت من خلال تلفازه وحاسوبه وطعام أهله وهواتفهم ولغتهم، فصار الطفل الصغير في قريته المتواضعة يشاهد كرتون ديزني فيضيق عليه بيته المطمئن ويحلم بالسكن في بيت ذي طوابق عدة وحديقة خلفية وكراج خاص.

أما شبابنا فقد انبهر كثيرٌ منهم بتلك الأمم ورأوا المثالية والأسوة في حياتها، بل غدت نموذج النجاح والسعادة الذي ينتهي السعي والجهد عنده، بينما الحقيقة أشمل وأوسع من اللقطات المختزلة التي وصلتهم بكثير، فكما أن في ثقافات الغرب مكونات جيدة يمكننا توظيفها، فإن فيها كثيراً من المحاذير والإشكالات التي نتجت من تقديس الإنسان وتمركزه حول متعه الدنيوية ورغباته الآنية، حتى بات يصنع أخلاقياته الخاصة ويختار قوانينه وممنوعاته.

إننا نرى في حياة الغربيين نتائج اختيار الإنسان الضعيف المستعلي بذاته منذ بداية تنحية أمر الله تبارك وتعالى وبناء مجتمعه على رفاهية جسده، فاستغنى بقدراته القليلة وعلمه المحدود عن الاستعانة بمولاه واتباع شرعه وقانونه، وكانت النتيجة التعاسة لغالب الأفراد وتحويلهم إلى آلات تعمل لتنتج ثم تستريح حين يؤذن لها بذلك، فتكون أجساداً منهكة وأرواحاً مهملة، قد تحولت إلى مستهلك لا يعقل ما يفعل ولا يوجّه نشاطه إلا لخدمة الشركات الكبرى وزيادة أرباحها وملء جيوب مديريها، وفي ذلك مصداق قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:124]، نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذاكرين الشاكرين.

والحق أننا لا نذم الأمريكيين كشعبٍ، ولا نهدف لبثّ بغضهم وكراهيتهم بين المسلمين، ولا ذاك هو منهج العدل الذي أمرنا ديننا الحنيف باتباعه، لكن ندعو لرؤية الثقافات والشعوب الأخرى بعين التكامل والشمولية التي ليس فيها أبيض مثالي ولا أسود قاتم، فننتفع بخيرها ونعي شرها ونحذر منه، ونرى في ضوء الوحي المنزّه عن كل خطأٍ نتاجها وما يمكن لشعوبنا أن تستفيد به منه، قال سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8].


الهوامش

[1] Super Bowl 2021 Ratings: How Many People Will Watch Kansas City Chiefs vs. Tampa Bay Buccaneers? (ibtimes.com)

 [2] Millions of Chicken Wings Eaten Super Bowl Sunday—Here’s Why | Time

Do You Know These Shocking Super Bowl Consumption Statistics? | HuffPost Canada Life (huffingtonpost.ca)

Interactive: What is the climate impact of eating meat and dairy? | Carbon Brief

Super Bowl 50 food by the numbers | Fox News

[3]  Millions of Chicken Wings Eaten Super Bowl Sunday—Here’s Why | Time

[4] Each Country’s Share of CO2 Emissions | Union of Concerned Scientists (ucsusa.org)

[5] 7 Thanksgiving Day Food Facts (spoonuniversity.com)

Booziest Holidays | Alcohol.org

[6] Managing Overweight and Obesity in Adults: Systematic Evidence Review from the Obesity Expert Panel | NHLBI, NIH

National Diabetes Statistics Report, 2020 | CDC

[7] 16 million employees nationwide say they plan to miss work on the day after the Super Bowl (abcactionnews.com)

[8] Car Crashes Soar After Super Bowls – CBS News

Avoid becoming a drunk driving statistic during Super Bowl 2019 (intoxalock.com)

Super Bowl Sunday | Fans Don’t Let Fans Drive Drunk | NHTSA