هل سمعت بأفكار مدرسة فرانكفورت التي تحكم العالم؟

image_print

تعتبر أفكار مدرسة فرانكفورت الحجر الأساس وراء معظم الأفكار المنتشرة اليوم بين النخب الفكرية في الحرم الجامعي والإعلام والسياسة والمنظمات غير الحكومية. فلقد أنتجت مجموعة من الأفكار الثورية التي أصبحت تتحكم في أغلب تفاصيل المواطن الغربي وانتشر صداها حتى في أغلب دول العالم. وهذه الأفكار تدير العالم وتحكم حياتنا وهي المسبب الأول لصعود كل التيارات الليبرالية واليمينية المتطرفة في أوروبا وفي العالم. إننا عندما نسمع عن منتدى دافوس لكلاوس شواب والمجتمع المفتوح لجورج سوروس وكل المنظمات الحقوقية في العالم التي تدافع عن باقة من الحقوق فإننا لا نعلم الأفكار الأيديولوجية لمدرسة فرانكفورت التي تحركهم من الخلف.

مدرسة فرانكفورت.. التأسيس وأهم الأفكار.

للتوصل إلى نظرة شاملة لإيديولوجية مدرسة فرانكفورت، من الضروري العودة إلى العشرينات في التاريخ الألماني في عام 1923، أسّس فيليكس ويل معهد البحوث الاجتماعية في فرانكفورت، حيث كان المعهد قائمًا على نظرة ماركسية للواقع، وقد تم تأسيسها لكي تكون مأسسة فكرية بحثية لأجل الحكومة الألمانية في حال انتقالها إلى الشيوعية.

بهذا، أثبتت الماركسية نفسها كحجر الزاوية الأيديولوجي للمعهد لدرجة أن أحد كبار الأساتذة في جامعة فرانكفورت، وهو فريتز شميدت، قدّم شكوى إلى وزارة الثقافة البروسية من خلال إثبات أن اختيار مساعدي المعهد كان قائمًا على التحيز الأيديولوجي. وبحسب شميدت، فقد تم تجميع عدد كبير من الطلاب الشيوعيين والثوريين الأجانب في المعهد. من الأهمية بمكان تسليط الضوء على أن الجيل الأول من معهد البحوث الاجتماعية تألف بالكامل من اليهود الشيوعيين والأفراد الذين أدانهم النازيون لانتمائهم لليهودية. وبالفعل، كان أعضاء المعهد ضحايا للحس الأخلاقي المعادي لليهود المنتشر في المجتمع الألماني بالإضافة إلى أنهم كانوا من الأجانب.

من الجانب النفسي، الموقف الصعب الذي عاشه أعضاء المعهد جعلهم يتبنّون نظرة نقدية للمجتمع. بعبارة أخرى، أدت المثل العليا المشتركة للهيمنة الثقافية والقيم الأخلاقية في جميع أنحاء ألمانيا إلى استجابة مضادة والتي تتمثل في معهد البحوث الاجتماعية. حدث التغيير الكبير في تاريخ المعهد عندما تنحى المدير السابق، كارل جرونبرج، عن منصبه بسبب مشاكل صحية ليخلفه الفيلسوف الألماني اليهودي ماكس هوركهايمر في عام 1928. وبمجرد وصوله إلى إدارة المعهد، جمع المدير الجديد حوله شخصيات مختلفة بما في ذلك إريك فروم، وهربرت ماركيوز، وفرانز نيومان، وفريدريش بولوك. خلال هذا الوقت اكتسبت النازية أرضية سياسية كبيرة في ألمانيا مع صعود أدولف هتلر إلى السلطة. لذلك، كان لا بد من مغادرة اليهود للبلاد لتأمين حياتهم. ولحسن حظهم، فتحت الولايات المتحدة حدودها أمام المفكرين والعلماء اليهود الفارين من ألمانيا النازية مثل ألبرت أينشتاين لتعزيز مجالها التكنولوجي والعلمي. عملت سياسة هجرة العقول التي طبقها الأمريكيون لصالح المعهد الذي استغل الفرصة وقام بتغيير مقعده إلى سويسرا ثم إلى الولايات المتحدة. اعترف ليو لوينثال في مقابلة أن “جامعة كولومبيا كانت سخية للغاية: لقد وفرت لنا من الناحية التنظيمية والقانونية نفس الظروف التي تمتعنا بها في فرانكفورت. وجعلوا معهد البحوث الاجتماعية تابعا لجامعة كولومبيا وحصلنا على مكان رفيع في الجامعة حافظنا عليه حتى أواخر الأربعينيات. تم الانتقال إلى الولايات المتحدة في عام 1934، وفي الستينات تم استخدام مصطلح “مدرسة فرانكفورت” لوصف هذه المجموعة الفكرية، وسعد بها تيودور أدورنو”.

ومع وصولهم إلى أمريكا، تم تطوير النظرية النقدية من قبل هوركهايمر وأدورنو في عملهم الشهير (جدل التنوير) المنشور في عام 1947. الحجة الأساسية للنظرية تدور حول الهيمنة الاجتماعية. بعبارة أخرى، يتعرض الفرد للهجوم المباشر من قبل المجموعة إلى الحد الذي يُحرم فيه من ممارسة فرديته بالكامل. بناءً على هذا، يمكن تطبيق الخصائص الكاملة للنظرية بشكل مثالي على المجتمع الأمريكي ومن هنا قاموا بتعويض كرههم للثقافة الألمانية بكره الشعب الأمريكي.

باستخدام نفس طريقة التفكير، صور هربرت ماركوز المجتمع الأمريكي على أنه “مجتمع أحادي البعد” يعمل على قمع أي معارضة سياسية محتملة. وتحصلت هذه الأفكار على مكانة مرموقة داخل جامعة كولومبيا. وبهذا تمكّنوا على التعبير عن اشمئزازهم من المجتمع من خلال مهاجمة ما اعتبروه الهيكلة السفلية للسلطة وهو ذاته ما واجهوه في ألمانيا النازية. تشكّلت مدرسة فرانكفورت من المثقفين الماركسيين الذين ذاقوا ذرعا من الواقع مما دفعهم إلى التفكير بجدية في تغيير وجه النظرية الماركسية برمتها لصالح الأقليات. انتشر هذا المنظور النقدي للمجتمع على نطاق واسع في الجامعات الأمريكية في الستينيات ونجح في تعزيز تعدد الحركات المناهضة للمنظومة السياسية والاجتماعية.

نتيجة لهذا، نشأت أيديولوجية سياسية جديدة بالكامل خرجت من الحضن الفكري للنظرية النقدية الممثلة في اليسار الجديد. ولتعزيز هذا الارتباط، ظهر كتاب (الإنسان ذو البعد الواحد) للمنظر النقدي هربرت ماركيوز والذي نُشر في عام 1964 وانتشر كالسيل الجارف بين الراديكاليين الشباب من اليسار الجديد وناشد كل المدافعين عن الثقافة المضادة.

على الرغم من انطلاقه من وجهة النظر الماركسية للواقع، إلا أن اليسار الجديد انحرف عن اليسار القديم الذي آمن بالصراع الطبقي واعتبر البروليتاريا القوة الثورية ضد النظام البرجوازي القمعي. لقد ألقى اليسار الجديد جانبًا كل هذه الأفكار واعتبر الأقليات المضطهدة قوى مقاومة ضد جيش الهيمنة الذي تجسده الأغلبية. لم يعد الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا. بل أعيد تشكيل أسس الصراع وتم تجديده بين الأغلبية والأقلية. في حين ركز اليسار القديم فقط على الكتلة الاقتصادية، أكد اليسار الجديد على أهمية الثقافة والاقتصاد والتحالفات السياسية.

ربما يكمن أهم اختلاف بين النظريتين في مسألة الليبرالية إذ وصف اليسار القديم الليبرالية بالشر المطلق. على الجانب الآخر، قبل اليسار الجديد الليبرالية في كل مقياس وفي كل فئة. ومن هنا، ظهرت مجموعة من الحركات الاجتماعية الجديدة لرفع راية اليسار الجديد. كانت تتمحور بشكل أساسي حول الطبقية الاجتماعية والجندر والعرق والجنس والبيئة ومعارضة الكولونيالية والعديد من القضايا الأخرى المختلفة.

أدّت كل هذه التحليلات الجديدة للواقع إلى انفجار كبير من النظريات النقدية المختلفة. في الواقع، كل فئة تحمل نظريتها النقدية الخاصة. النظرية الماركسية للطبقات الاجتماعية. والنظرية النسوية للجندر. والنظرية العرقية النقدية للأقليات العرقية. والنظرية الكويرية للأقليات الجنسية. والنظرية الخضراء للبيئة. ونظرية ما بعد الاستعمارية لأجل الشعوب المضطهدة.

كل نظرية تنبع مباشرة من النظرية النقدية التي أتت بها مدرسة فرانكفورت، والهدف المطلق من وراء كل هذه النظريات هو تقديم شكل من أشكال النقد للمجتمع المهيمن والمتخلف مع التأكيد على ضرورة تحقيق الحرية والتحرر لأجل الأقليات؛ لذلك ينقسم المجتمع الأمريكي إلى مجموعتين رئيسيتين: مجموعة ظالمة ومجموعة مظلومة. وبالتالي، أصبح لدينا تنظيم فكري تبعه تنظيم سياسي.

يمكن افتراض أن الأيديولوجية اليسارية الجديدة هي شكل من أشكال التزاوج بين الشيوعية والليبرالية. أو بتعبير أدق، اليسار الجديد هو وليد اقتران الثورة البلشفية والثورة الفرنسية. من هنا ولدت الليبرالية النقدية. وهذا التيار الفكري هو المسؤول الأوحد عن صعود تيار ما بعد الحداثة.

مدرسة فرانكفورت.. السياسة والمجتمع الأمريكي.. بداية التأثير.

تحولت مواجهة المجتمع من النظرية إلى الممارسة فيما يعرف بالستينات المتأرجحة، إذ تم طرح أسئلة مثيرة للقلق حول الطبيعة العنصرية للمجتمع الأمريكي، وكراهية المثليين، والتحيّز الجنسي في المجتمع الأمريكي. تمّ إعادة معالجة وتمحيص كل قيم ومعتقدات المواطن الأمريكي البسيط مما زلزلت كل معتقداته وثقافته. كما تطرق المفكّرون والمنظرون إلى كل المواضيع المحرمة.

تم تحدي كل المبادئ الهوياتية في الولايات المتحدة وتمّ ضربها في الصميم، وكذلك ظهرت حركات ثورية مختلفة، مثل: الحركة الطلابية، والحركة المناهضة للحرب، وحركة الحقوق المدنية، وحركة القوة السوداء، وحركة حرية التعبير، وحركة الهيبيز، والموجة النسوية الثانية، وحركة الهنود الأمريكيين، وحركة تحرير المثليين، والمدافعون عن البيئة، وحركة الدفاع عن استهلاك المخدرات، والحركة النباتية، وحركة العصر الجديد، وحدثت الثورة الجنسية وهلم جرا.

تم تعزيز كل هذه التحركات برسالة مفتوحة بعنوان (رسالة إلى اليسار الجديد) كتبها تشارلز رايت ميلز، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كولومبيا في عام 1960. وأكد فيها ميلز نهاية الأيديولوجية لصالح الليبرالية النقدية بالقول، “دع النساء المسنات يشتكون بحكمة من نهاية الأيديولوجية، فنحن [اليساريون] في كرسي القيادة من جديد”. هذا الافتراض ينطلق من منظور دارويني بحت يؤكد أن جميع الأيديولوجيات لا تمتلك القدرة الفكرية على المصارعة الذهنية مع الليبرالية النقدية.

لذلك، فإن اليسار الجديد هو القوة السياسية الأخيرة التي ستصمد في وجه أي أيديولوجية أو معتقد آخر.

عملت رسالة ميلز على زيادة تصعيد ثقة الطلاب النشيطين ليصبحوا وكلاء للتحول الاجتماعي من خلال الضغط على السياسيين في حرم الجامعات وفي الشوارع. ومن هنا تحولت القوى الثورية من البروليتاريا إلى الطلاب ثم إلى الأقليات.

كانت الستينات فترة من فترات صعود تيار ليبرالي جديد عارض الوضع الاجتماعي الأمريكي. يمكن تجسيد الستينيات من خلال التطبيق السياسي والاجتماعي لتصور متجدد لليبرالية قائم على وجهات نظر مدرسة فرانكفورت، كما ظهر الدفاع الليبرالي عن الأقليات وحقوقها من داخل الجامعات وكان نقطة البداية لصعود سياسات الهوية.

أدى هذا التصور إلى ظهور مجموعات وحركات مختلفة تسببت في زلزال في الساحة السياسية الأمريكية. بعبارة أخرى، تم تبني نهج معاد للثقافة الأمريكية بين الأكاديميين والشخصيات السياسية، واهتزت القيم الأساسية للمجتمع الأمريكي من أسسها، كما أثار النشاط الحافز للحركات الليبرالية رفضًا تامًا من المجتمع المحافظ الذي كان غاضبًا وخائفًا على قيمهم التقليدية القائمة على العقيدة المسيحية البروتستانتية.

مدرسة فرانكفورت والسياسيون الأمريكيين.. توالي التأثير

تعليقًا على الظاهرة السياسية المتصاعدة، أعلن الرئيس الأمريكي جون كينيدي في خطابه الافتتاحي للرئاسة: “دعوا الكلمة تنتشر، انشروا الكلمة من هذا الزمان والمكان بين الأصدقاء والأعداء على حد سواء، واعلموا أن الشعلة قد انتقلت إلى جيل جديد من الأمريكيين”. اللمسة التبشيرية في خطاب كينيدي تعتبر واحدة من نقاط الحشد لتوسيع بوتقة اليسار الجديد بين الجيل الجديد الذي أصبح يشعر بالاغتراب عن التقاليد القديمة الموروثة لآبائهم.

وعدُ كينيدي هو بمثابة دعوة للمساهمة في الصحوة الليبرالية من خلال طرد شبح المحافظة من المجتمع واستبداله بالقيم الليبرالية. لتحقيق هذا التصور المستقبلي، كان النشاط السياسي ضروريًا بالنسبة لكينيدي الذي عبّر عن التزامه: “لا تسأل عما يمكن أن يفعله بلدك من أجلك. اسأل ما يمكنك القيام به لأجل بلدك”. كان مرشح الحزب الديمقراطي، جون كينيدي، أحد الشخصيات الرئيسية التي حددت معايير الحرب الثقافية بين اليمين واليسار. كانت تصريحاته ترمز إلى رسالة أمل للشباب الذين كانوا يبذلون قصارى جهدهم لتغيير العقلية الاجتماعية. يمكن القول إن جون كينيدي كان من الأقلية الأيرلندية الكاثوليكية في الولايات المتحدة. لذلك، من الطبيعي جدًا أن يلتزم بعناصر التغيير. بالإضافة إلى ذلك، أصبح الحزب الديمقراطي ملاذًا للقوى الثورية الجديدة حيث تعمل على ضمان حقوق الأقليات منذ الستينيات.

سار الرئيس بيل كلينتون أيضًا في نفس المسار عندما دعا إلى ثورة ثالثة عظيمة لإكمال الثورة الأمريكية وثورة الحقوق المدنية. الهدف من الثورة هو إثبات أن الجيل اليساري الليبرالي الجديد يمكن أن يعيش بدون هيمنة الثقافة الأوروبية.

صرخة النفور من الثقافة الأوروبية المهيمنة في خطاب كلينتون جعلت استدامة هذه الرؤية الأيديولوجية اليسارية الجديدة جزءًا لا يتجزأ من الحياة الروحية الغربية. في الواقع، لم تؤثر هذه الأيديولوجية على الولايات المتحدة والغرب فحسب، بل أثرت أيضًا على غالبية العالم. باختصار، صدّرت أمريكا معضلاتها السياسية إلى الخارج.

أفكار مدرسة فرانكفورت ونظريتها النقدية تواصل اليوم على نفس المنوال في التأثير على أصحاب النفوذ في العالم من سياسيين ورجال أعمال ومفكرين وصحافيين وفنانين وغيرهم. فالمنظومة الغربية الصاعدة تقوم أساسا على نظرية الووك والتي خرجت بدورها من رحم النظرية النقدية والتي تنادي إلى طمس تاريخ الدول “العنصرية” وتنادي إلى إعادة كتابة التاريخ وتضغط على الحكومات والشعوب للاعتذار عن تاريخها “الإجرامي” وتعمل على فتح الحدود للمهاجرين غير الشرعيين وتروج للقومية السوداء زاعمين أن أصحاب البشرة السوداء هم أكثر الشعوب تعرضًا للتهميش والاضطهاد. كما أنها تنادي إلى العديد من الأفكار الأخرى كالتغير المناخي والطاقة البديلة والمثلية الجنسية وتقنين المخدرات وحرية المرأة والإجهاض وتحديد النسل والتعدد اللغوي والفدرالية والحركات الانفصالية والتشدد في الدفاع عن حقوق الحيوان ومعاداة النظام الأبوي والتعددية الثقافية ومنع الإعدام والأكل النباتي وروحانيات العصر الجديد وتضعيف سيادة الدولة ووحدة الأديان وإلغاء الشرطة ومعادات القيم الأسرية ومعارضة الحروب. فكل هذه الأفكار التي تبدو مبعثرة ولكنها تنتمي إلى أصل واحد لم تعد حبيسة الغرب بل أصبحت تروج في بقية العالم بما فيها العالم العربي وسيكون لها صدى كبير في المستقبل.


المصادر

Dubiel, H. (1981). The Origins of Critical Theory: An Interview with Leo Lowenthal. Telos, September 21, 141-154. Retrieved from http://journal.telospress.com/content/1981/49/141.full.pdf+html

Geary, D. (2009). Radical Ambition: C. Wright Mills, the Left, and American Social Thought. London: University of California Press.

Held, D. (1990). Introduction to Critical Theory: Horkheimer to Habermas. Oxford: Polity Press.

Huntington, S. (2004). Who Are We? The Challenges to America’s National Identity. New York: Simon & Schuster.

Katsiaficas, G. (1987). The Imagination of the New Left: A Global Analysis of 1968. Cambridge: South End Press.

Kellner, D. (2005). Herbert Marcuse: The New Left and the 1960s. Oxon: Routledge.

Mauk, D. & Oakland, J. (2009). American Civilization. Fifth Edition. New York: Routledge.

Thomas, S. (2011). A New World to Be Won: John Kennedy, Richard Nixon, and the Tumultuous Year of 1960. Santa Barbara: Praeger.

Wiggershaus, R. (1995). The Frankfurt School : Its History, Theories, and Political Significance Studies in Contemporary German Social Thought. Cambridge: The MIT Press.

Author

التعليقات

تعليقات

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك رد