من الجدل إلى الفضيحة .. البوكر مافيا الأدب!
أهو استحقاق أم أنها خديعة؟ من منهما قتل الآخر البوكر أم الرّواية العربيّة؟ أهي شبهات أم حقائق؟ أم أن الفضائح تتلوّن بألوان صاخبة! وهل قياديّوها كُتّاب أم لصوص؟
إنها جريمة دائماً مثقوبة الفم على الرّغم من أنّ القاتل معروف، ولكنّ العدالة اختارت أن تفقأ عينها!. تَكتُّلات ثقافيّة أم محاصصات سياسيّة؟ تبييض دولارات أم كتابة روايات؟
موجز صاخب وخليط عجيب يفتح شهيّة التّأويل لعدّة ملفات عنوانها الأبرز الفساد الأدبيّ بالإضافة إلى الحقيقة الّتي شكّلت الانتكاسة الّتي فتحت باب الإلحاد للكثير من الأدباء؛ كما فعل الأيرلندي برناد شو والفرنسي جان بولجين حيث إنّهما رفضا جائزة نوبل، بالإضافة إلى متتبعي الأدب حول العالم بعدما سقطت الصّورة الكبرى والمزركشة للجوائز الأدبية عموماً والبوكر خصوصاً.
عالَم الجائزة
في البداية يأخذ الحديث عن الجوائز الأدبية في العالم حيزاً كبيراً من حديث المثقفين والكتّاب والنّقاد، حتّى القرّاء على حدٍّ سّواء، بالإضافة إلى وسائل الإعلام على تنوّع مصادرها، فلا يهدأ الحديث عن جائزة إلا ويبدأ الحديث عن أخرى، فبالأمس كان الحديث عن قلّتها وندرتها وتواضع قيمتها المادية جداً كجائزة النيل، واليوم بات الحديث عن كثرتها ومساوئها وارتفاع قيمتها الماديّة كجائزة الشّيخ زايد، وجائزة البوكر.
ولكن لا مبدأ ثابت هنا والفضائح المتتالية تأكل سمعة البوكر، كالفضيحة التي كشفت تفاصيلها صحيفة الغاون البيروتية عن وجود صفقة رباعيّة لإعطاء الجائزة للرّوائيّة علوية صبح، علاوة عن ذلك تسريب اسم الفائز قبل إعلان النتيجة -كتسريب فوز هدى بركات- بالإضافة إلى المحاصصة السياسيّة والانحياز الذي قال عنه الكاتب ومدير النشر السوريّ فايز علّام: “المصريّة اختارت المصريّ ، والعراقيّ اختار عراقيّة، واللبنانيّ اختار أيضاً لبنانيّة، والروسيّة اختارت أجواء فيها روسيّة”
وهنا يُطرَح سؤال بسيط ولكنّه طارئ وضروريّ: طيلة عشر سنوات من عمر الجائزة لم تُمنح لكاتبٍ سوريّ على الرّغم من وصول العديد من الأسماء منهم: فؤاد حدّاد وخالد خليفة، فهل يا تُرى تُمنح الجائزة للعمل الأدبيّ أم للرّأي السياسيّ؟
مجاملات أدبيّة واهتراء الذّوق النّقديّ
الجدل الّذي يعصف بكلّ عملٍ يفوز، يصنع شبهات تضارب عقائديّة في الآراء بين الأوساط الأدبيّة، فمثلاً يفوز بهاء طاهر عن رواية واحة الغروب تقديراً لسنّه وتاريخه الروائيّ، وليس لاستحقاقه الأدبيّ، فالرّواية لا تتسم إلا ببنائها الروائيّ المحكم، فهي رواية بلا روح كما قال الدّكتور سيد البحراوي.
كما فازت رواية وزير الثقافة المغربيّ لمكانته الوظيفيّة بدلاً من عمله الأدبيّ كما قال النّقاد والسّمة المميّزة للعمل أنّه مثيرٌ للجدل! فالجائزة في هذه الحالة بالتّحديد ربما ضد الإبداع.
هدى بركات الحائزة على أسوأ تقييم في موقع جودريدز عمّقت الهوة بشكل استفزازي فالكاتب سعيد حسون يقول عن روايتها: إنّ لغة الرّواية بلا صوتٍ ولا صورةٍ ولا شكلٍ ولا مضمونٍ ولا لغةٍ سرديّةٍ مميّزة ولا جماليات!.
كما قالت عضوة اتحاد الكتّاب اللّبنانيين رانيا محيو الخليلي: رغم أنّها أتت للبنانيّة هذا العام ولكنّ المضمون نفسه، انحراف جنسيّ، وشذوذ، وبغاء، وشرقٌ منحدرٌ متخلف سيّئ، ونفس دور النّشر تتناوب عليها، والطامّة الكبرى أنّها فقدت مصداقيّتها لدى القارئ العربيّ ولا تزال تتبع ذات المنهج.
تشابُك العديد من الخطوط الحمراء أدى إلى تبادل الأدوار بين المؤيدين والمعارضين، فمثلاً أحد الأعضاء الفعالين في لجنة البوكر أضحى اليوم أكبر المنتقدين لها، وهي الدّكتورة شيرين أبو النجا التي قالت في رئيس اللّجنة طالب الرفاعي: إنّه لا يصلح لأن يكون كاتباً من الدّرجة العاشرة!.
بالإشارة إلى استقالة الناشر رياض الرئيس من مفصل هام من مفاصل البوكر وهو مجلس أمناء البوكر؛ اعتراضاً على الطّريقة الّتي تُدار بها، بل هناك من أقسم أنّه لن يعيد التّجربة أو يتقدم بعمل آخر كما هو الحال مع الرّوائيّ الجزائريّ سمير قسيمي.
لجنة البوكر وغياب النقد الحقيقي!
التّقليد والسّرقة وجهان لعملة واحدة عنوانها الأبرز غياب الناقد الحقيقيّ ومحدوديّة ثقافة اللّجنة، مما أسهم في إفراز أعمال موسومة بالعار الأدبيّ، فمثلا رواية عزازيل للكاتب يوسف زيدان متّهمة بتقليد رواية (اسم الوردة) للكاتب إمبرتو إيكو، وكذلك رواية الدّيوان الأسبرطي، فالبناء الدّراميّ يشبه بناء رواية (ميرامار) ورائحة العديد من خطوط رواية غرناطة تفوح من رواية (النهاية) مثلاً، عدا عن عيوب التّطويل والأحزاب والتّكرار.
حرب الكلب الثانية الّتي أجمع القرّاء أنّها أسوأ أعمال الكاتب بالإضافة إلى أنّها نسخة مصوّرة ولكن بنكهة عربيّة عن رواية١٩٨٤.
الاتهامات لا تنتهي ولكن أكثرها فظاعة الاتهام الذي وجهته الرّوائيّة لينا حسن للرّوائيّ خالد خليفة بسرقة فكرة وقصّة رواية الموت عمل شاق من مقال سابق لها بعنوان (رحلة الشيفروليه نحو دروب الأحزان)!.
الجوائز أضحت وبالاً على الرّواية العربيّة. أو هكذا على الأقل رأي الناقدة نادية هناوي، وقد صرح أسعد أبو خليل قائلاً: جائزة البوكر مؤشر آخر على فساد الحياة الثّقافيّة العربيّة، ولكنّ ملايين الدّولارات الّتي تُنفَق تحمّلت جميع الفضائح، بل أضحت قبلة الكتّاب الجائعين لاعتراف وشهرة دون تعب يُذكر والنّتيجة حدث ولا حرج!.
اترك رداً
Want to join the discussion?Feel free to contribute!