الإباحية وفساد المجتمع

image_print

في عصر الإنترنت والأجهزة الذكية؛ باتت مشاهدة المواد الإباحية آفة تصيب الكثيرين، كبارًا وصغارًا، شبانًا وفتيات؛ حيث يرونها ملاذًا لإشباع غرائزهم، خاصة في ظل الصعوبات والعقبات التي تواجههم في طريق الزواج. ويظنّ الكثير من هؤلاء أن خطأ مشاهدة الإباحيات يقتصر على النظر إلى العورات والفواحش فحسب، إلا أن للأمر أبعادًا أخطر من ذلك.

صناعة الإباحية
يعد سوق الإباحية من أضخم الأسواق عالميًا، فإيراداته على مستوى الولايات المتحدة لوحدها تُقدر بثلاثة مليارات دولار أمريكي لعام 2016، مقابل ملياري دولار لقطاعات حيوية أخرى كالسكن والخدمات الغذائية، وهذا وفقًا لتقارير شركة (IBISWorld) المتخصصة في تحليل السوق.

وحيث أن الإباحية صناعة؛ فإن كل ما يتم إنتاجه من مواد إباحية هو بالضرورة “سلعة”، قد تكون سلعة خبيثة قذرة، لكنها بنهاية المطاف تبقى سلعة تحتاج مقومات التسويق من تشويق وتجديد وجذب للانتباه.

وفي سبيل ذلك يبتعد المحتوى الإباحي عن الواقع كل البعد –سواء بشكل “الأشخاص” أو تصرفاتهم أو ردود أفعالهم- بغية تحقيق أقصى درجة ممكنة من جذب المُشاهد وشده. وهذا يؤدي بعد الزواج إلى تبعات كارثية تدمر الحياة الزوجية وتؤدي إلى النفور بين الزوجين عند مواجهتهم للواقع الخالي من كل تلك “الإثارة” المبنية على الزيف والقذارة، والتي زينتها لهم الأفلام الإباحية.

ففي صناعة تقوم على انعدام أي ضوابط دينية أو قيَمية أو أخلاقية أو حتى صحية؛ تكون القذارة سيدة المشهد بمحتوًى لا يعرف للانحطاط حدودًا، يتضمن كل ما هو مقزز منافٍ للفطرة من جنس جماعي وسحاق ولواط وسفاح، فتُصمَّم “سيناريوهات” يُمارَس فيها الجنس مع أطفال، أو تجمع أبًا مع ابنته أو بنتًا مع أمها، وقد يصل الأمر إلى التلذذ بالفضلات، أو ممارسة الجنس مع الحيوانات.

لذا فإن المواد الإباحية لا تجعل تفكير الشباب منصبًا على الأمور الجنسية فحسب، -رغم خطورة ذلك- إلا أنها تؤدي أيضًا إلى تسمم فكرهم وتلوث نفسهم وانتكاس فطرتهم. فتكرار المشاهدة مرة تلو الأخرى كفيل بجعل أي محتوًى مستساغًا مهما بلغت درجة قذارته وانحطاطه، وأيًا كان مدى مخالفته للفطرة السليمة.

 
وفقًا لنتائج إحصاءات أجرتها إحدى أكبر شبكات إنتاج ونشر المواد الإباحية؛ فإن عدد ساعات مشاهدة المحتوى الإباحي في عام 2016 على هذه الشبكة فقط يُقدَّر بـ 4.6 مليار ساعة، أي ما يزيد عن 524,000 سنة، كما كانت مصطلحات السحاق والسفاح متصدرة لقوائم أكثر المصطلحات بحثًا!
 

العنف
ارتضت “النجمة الإباحية” أن تكون مجرد جسد يُستخدم لزيادة الأرباح. لذا فلا عجب من أن تقوم مجمل المواد الإباحية على إذلالها وامتهانها، وهذا بدوره يعزز نزعات العنف الكامنة في اللاوعي، والذي قد ينتج عنه “قاتل متسلسل”.

قد تعتقد أن في هذا الكلام مبالغة، ما لم تعرف “ثيدور روبرت بندي” أو “تيد بندي”، وهو قاتل أمريكي متسلسل قام بعشرات الجرائم من خطف واغتصاب وقتل، وقد ألقي القبض عليه عام 1978، وبعد عشرة أعوام من سجنه اعترف بقتل ثلاثين فتاة وامرأة، وأدين بمجامعة الموتى، وأُعدم باستخدام الكرسي الكهربائي عام 1989.

عاش باندي طفولته في كنف أسرة مُحبة ملتزمة؛ إلا أنه آل إلى ما آل إليه بسبب المواد الإباحية. فبدأ يسقط تدريجيًا في هذا المستنقع القذر، ينتقل من مادة إباحية لأخرى باحثًا عن “إثارة” أكثر، حتى باتت “المشاهدة” وحدها غير كافية. وفيما يلي جزء مما قاله “تيد باندي” بنفسه قبل سويعات من إعدامه:

 

ختاما
تكاد لا تخلو جل المادة الإعلامية -سواء الأفلام أو المسلسلات أو الأنمي أو الإعلانات- من المحتوى الإباحي تصريحًا وتلميحًا. والإباحية بكل صورها تدمر المجتمع باستهداف لبنة بنائه الأساسية ألا وهي الأسرة، بإسقاط الشباب بهذا المستنقع ليصبح العدسة المشوهة التي يرون العالم من خلالها، والتي تطبع كافة علاقاتهم الأسرية والمجتمعية بطابع جنسي قذر، فتحركهم غرائزهم ليكونوا كالأنعام بل هم أضل. ومن شأن هذا أن يساهم في تفسير تفشي التحرش وظهور الشذوذ، وما خفي أشد وأعظم.

ومن هنا تظهر ضرورة التزام أوامر الله واستشعار رقابته، لتهذيب النفس وضبط الهوى، بغض البصر والابتعاد عن الخلوات وتجنب الوحدة، فيجب إشغال النفس بما يفيدها لكي لا تشغل صاحبها بما يفسده.

التعليقات

تعليقات

0 ردود

اترك رداً

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

اترك رد